كلمة التغيير

كلمة التغيير: أسدل الستار على مسرحية حوار البشير، فأين حوار التغيير؟

تنخرط بموجبها الأحزاب السياسية التي قبلت بالحوار في النظام كما هو أو باجراء تعديلات طفيفة لا تمس الجوهر الشمولي الاستبدادي للنظام، ولا تنطوي على أية معالجات لجذور الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية المستفحلة بالبلاد، وهاهو الحوار بالفعل يصل الى طريق مسدود بخروج حزب الأمة الذي اعتقل رئيسه، وحركة”الإصلاح الآن”، وهاهي مليشيات ما يسمى بالدعم السريع”الجنجويد” التابعة لجهاز الأمن تطوق العاصمة زاعمة انها تهدف لحمايتها! في تهميش بائن للجيش السوداني، وفي دلالة واضحة على انفصام عرى الدولة السودانية بشكل شبه كامل ووقوع البلاد أسيرة لدولة الحزب التي تحميها المليشيات المتمرسة في الإجرام والفتك بالمدنيين، وها هي الحريات العامة في تراجع مستمر، وها هو جهاز الأمن يحكم سيطرته على الصحافة ويعمل على حماية المفسدين والتستر على فسادهم بردع الصحف.

أما في مناطق الحرب الأهلية في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق التي مرث ثلاثة أعوام على اندلاعها فما زال النظام يكثف قصفه عليها بالطيران، الذي يرسل قذائفه وبراميله المتفجرة الى المزارع والمراعي والمنازل مخلفا القتلى والجرحى والمعاقين في استخفاف بأرواح المدنيين، وفي عمل منهجي لإفراغ مناطق بعينها من سكانها، ولا ادل على ذلك من عرقلة النظام لوصول الإغاثات الإنسانية لتلك المناطق.

أما دارفور فما زالت في دوامة العنف وانعدام الامن، والفوضى التى لم تعد تقتصر على المناطق النائية بل  بلغت درجة قيام مليشيات الجنجويد بنهب مرتبات السلطة القضائية داخل مدينة نيالا!

ومفاوضات السلام منهارة تماما بسبب ان “المؤتمر الوطني” ينظر اليها من زاوية إبرام صفقات ثنائية تعزل مناطق الحروب عن بقية البلاد، تفاديا لمخاطبة جذور الأزمة الكامنة في بنية السلطة في الخرطوم وليس في اي مكان آخر!

إزاء هذه الأوضاع، فإن السؤال المطروح على “أصحاب المصلحة في التغيير” من أحزاب سياسية، وحركات مسلحة، وتكوينات شبابية ونقابية وفئوية معارضة، هو ما العمل؟ والإجابة على هذا السؤال تتطلب حوارا وطنيا ناضجا ومسؤولا، ولكنه يجب ان يكون حوارا بين “أصحاب المصلحة في التغيير” ليحددوا أجندتهم، ويتفقوا على خارطة طريق لإنجازها، والأهم من ذلك يتفقوا على كيفية انتزاع مصير السودان من هذا النظام عبر إسقاطه، او على أقل تقدير ممارسة الضغط عليه لإجباره على حوار متكافئ مع معارضيه يفضي إلى تغيير حقيقي، أي حوار يختلف عن الحوار العبثي الذي وصل الآن إلى طريق مسدود.     

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى