تقارير وتحقيقاترياضة

الرياضة في قبضة السياسة.. تدخلات رئاسية وأمنية في كرة القدم

التغيير : الخرطوم 

كانت الجماهير الكروية  التي توافدت مساء الثلاثاء  علي ملعب إستاد الخرطوم تمني النفس بمشاهدة المباراة المنتظرة في ديربي الكرة السودانية بين المريخ ونده التقليدي الهلال في المباراة الاخيرة للدوري الممتاز لكرة القدم ، لكن أمانيهم راحت سدى بعد ان انسحب لاعبو المريخ من أداء المباراة بطلب من إدارة الفريق التي يقودها رجل الاعمال والقيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم جمال الوالي احتجاجا على عدم بت الاتحاد العام لكرة القدم في شكوى قدمها الفريق ضد لاعب بفريق الهلال بالذات. 

 

وتكرر الامر ، وبسيناريو مختلف ، العام الماضي ، عندما انسحب فريق الهلال  والذي يقوده رجل الأعمال أشرف والذي يعرف بالوسط الرياضي باسم ” الكاردينال ” من البطولة احتجاجا على ما وصفه بمحاباة الاتحاد لفريق المريخ على حساب الفرق الاخرى، غير ان تدخل الرئاسة السودانية ممثلة في شخص النائب الاول لرئيس الجمهورية بكري حسن صالح في الازمة وإجباره لجميع الأطراف على التوصل الى حل وسط انقذت الموسم الرياضي من الانهيار والفوضى. 

 

وبات مألوفا في الوسط الرياضي الكروي تدخل الساسة عن طريق قيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم في شئون الناديين الأكثر شعبية في البلاد والمنطقة على غرار ما حدث في ازمة هذا الموسم وسابقه وغيرها من الوقائع.

وبدأت السلطات المعنية بالرياضة في وضع يدها على الناديين عبر دعم مرشحين بعينهم – يمثلون السلطة الحاكمة – او من خلال بدعة لجان التسيير التي تشكلها لإدارة شئون النادي وسرعان ما تتحول هذه اللجان الى ادارات ثابتة ومستمرة. 

 

وفي هذا الصدد ، تجدر الإشارة الى جمال الوالي والذي كان قد كلّف بإدارة تسيير نادي المريخ  قبل اكثر من 13 عاما ولكنه اصبح رئيساً ثابتا للمريخ طوال هذه الفترة ، وغاب عن إدارة النادي لفترة قصيرة ، غير انه عاد مرة اخرى بذات السيناريو والآن يتهيأ لترشيح نفسه لفترة اخرى خلال الانتخابات المقررة نهاية هذا العام. ومع ان الوضع في نادي الهلال مختلف قليلا بتعاقب رؤساء كثر عليه خلال نفس الفترة ، الا ان معظمهم جاء عن طريق لجنة التسيير ، ويتلقون الأوامر من الجهات الحكومية العليا. 

 

ازاء ذلك ، اصبح من الطبيعي ان تجد لافتات وشعارات سياسية تمجد الرئيس عمر البشير وحزبه الحاكم  داخل الاستادات ، بل ان قادة الناديين أعلنوا ، خلال فترة الانتخابات ، انحياز الجماهير لصالح البشير بعد ان دشن الحزب الحاكم حملاته الانتخابية من داخل الملعبين  العريقين. والملاحظة التي لا يمكن إغفالها ان هنالك حالة عدم اهتمام من الجمهور بالدوري الممتاز خاصة جمهور الهلال والمريخ والذي اصبح مألوفا ان ترى مدرجات الملعب خاوية على عكس ما كان سابقا عندما كانت الملاعب تمتليء عن اخرها بالجمهور الذي يعشق كرة القدم.  ويقول المهتم بالشان الرياضي والصحافي حسن فاروق  ” للتغيير الالكترونية ” ان هنالك سيطرة كاملة على العمل الرياضي من قبل السلطات الحكومية ” ما يحدث في الوسط الرياضي من هيمنة الحزب الحاكم على مفاصله وكل تفصيلاته أمر محزن”. 

 

واضاف ” الحكومة وعلى أعلى مستوياتها باتت الان تتحكم في مجال كرة القدم من الأندية والاتحاد العام وكل شي تقريبا يدار بعيدا عن الوسط الرياضي الذي أصبح لا حول له ولا قوة .. حتي الجمعية العمومية للاتحاد والذي يفترض ان يكون مستقلا اصبح يدار من القصر الجمهوري ودونك ما حدث في جمعية العام الماضي .. الرياضة فقدت أهليتها وجماهيريتها وبالتالي فان من غير المستغرب عدم تحقيق اي نتائج إيجابية خارجية سواء في انديتنا المشاركة في البطولات الافريقية او المنتخب الوطني لكرة القدم”. 

 

ولم تقتصر الهيمنة الحكومية علي ناديي القمة الهلال والمريخ ، بل تعدتها الى تدخل جهات أمنية وعسكرية في الشأن الرياضي عندما تبني جهاز الامن والمخابرات فريق الخرطوم الوطني والذي كان معروفا باسم ” الخرطوم 3″. وتبنت الشرطة فريق النسور. كما أصبح ولاة الولايات يتبنون فرق ولاياتهم ويعملون كل شي من اجل الصعود للدوري الممتاز   ويري فاروق ان هذا الامر ولد عددا من المشكلات في الرياضة. ويشرح ” فريق مثل الخرطوم ثلاثة العريق والذي كان له جماهير كبيرة أصبح الان بلا جمهور بعد ان سيطر عليه جهاز الامن ويعمل باي وسيلة من اجل ان يكون في طليعة أندية الممتاز .. اما ولاة الولايات فلا يتورعون في فعل اي شي ابتداءا من التلاعب بنتائج المباريات وتقديم الرشي للحكام والموازنات التي تضعها السلطات جعلت الامر كله لا علاقة له بكرة القدم”. 

 

غاب قادة الاتحاد العام لكرة القدم عن المباراة النهائية للدوري الممتاز والذي انسحب منه فريق المريخ ، متعللين بمشاركتهم في قرعة البطولة الافريقية والتي أقيمت بأنغولا. وتكرر هذا الامر كثيرا خلال السنوات الاخيرة اذ ظل قادة الاتحاد وخاصة الضباط الثلاثة  الرئيس معتصم جعفر والسكرتير مجدي شمس الدين وامين الخزينة اسامة عطا المنان يشكلون غيابا عن معظم الأحداث الكروية ، وظلوا يماطلون في حلحلة الكثير من المشكلات التي تطرأ على النشاط الرياضي بالرغم من انهم المسئول الاول والأخير عن إدارة شئون كرة القدم. 

 

والأكثر من ذلك ، فان هنالك اتهامات بالفساد المالي طالت امين خزينة الاتحاد والذي يمتلك وكالة للسفر تقوم وبشكل حصري بتنظيم رحلات الاندية والمنتخبات الوطنية  وحجز التذاكر وكل التفاصيل الاخرى الى خارج البلاد. واعتبر العام ان عطا المنان قام بتجاوزات مالية كبيرة تصل الى مليارات الجنيهات ، ووصلت القضية الى قبة البرلمان عندما طالبت الجهات العدلية رفع الحصانة عنه باعتباره عضوا برلمانيا تمهيدا لمحاكمته. غير انه طالب الجهات العدلية بشطب القضية بعد ان ” تحلل” من الاموال التي سرقها. ويقول الصحافي الرياضي بان ” قضية عطا المنان ما هي الا قمة جبل الجليد .. فمنظومة الاتحاد العام كلها فاسدة وفشلت في إدارة النشاط الرياضي الكروي لانها أصبحت جزءا من النظام الحاكم تأتمر بأوامره وتنتهي بنواهيه”.        

 

وفشلت الاندية  والمنتخبات القومية السودانية طوال فترة الإنقاذ الحالية بالظفر باي بطولة أفريقية او عربية مرموقة بالرغم من كثرة المشاركات. وآخر بطولة مرموقة  فاز بها فريق سوداني هي بطولة الكونفدرالية الافريقية التي احرزها المريخ في العام 1989. كما ظل لقبي  الدوري الممتاز  وكأس السودان حكرا علي ناديي القمة الهلال والمريخ بعد ان هبط الفريق الذي كان يشكل مثلثا كرويا معهما وهو نادي الموردة الى مصاف دوري الدرجة الاولى منذ سنوات ولم يستطع العودة مرة اخرى الي صفوة الاندية.   

تعليق واحد

  1. كل شيء ينهار في السودان الدولة القارة والتي يعول عليها شعوب اهل المنطقة العربية والإفريقية ينهار إنهيارا كليا ، بدءا بالإقتصاد ،التعليم، الصحة ‘ الخدمة المدنية، الخدمات العامة واما الرياضة فحدث ولا حرج.
    الرياضة في السودان للأسف لاأب لها يتكفل بكل مستلزماتها ونفقاتها ولا لها أما تراعي شئوونها ولا لها مسؤول حتى يقف على أدنى متطلباتها، وكأنما هي فتاة غير شرعية.
    الرياضة في السودان إنتهت منذ أمد بعيد وشيعوها الأفذاذ الى مثواها إلا ان هناك جهات تصر على انها مازالت باقية ولايدرون أنهم ينهشون في جثة إن صح التعبير لا فائدة منها.
    وإلا بماذا تفسرون ما يحدث في رياضة السودان،فأين مسؤولي الدولة من هذا الهرج والمرج وأين وزارة الرياضة مما يحدث، أين الإتحاد مما نراه ونشاهده اليوم.
    الرياضة في بلادنا للأسف تتحكم فيها الأندية ذات الثقل وأعني بهما ناديي الهلال والمريخ فهما اس المشاكل والمصائب والعوائق التي باتت تصيبها في مقتل،فيجب إعادة النظر في إدارات هذه الأندية التي ماعادت كما كانت في سالف عهدها.
    بالله عليكم ما ذنب الجماهير التي جاءت باكرا حتى أن بعضهم لم يتناول وجبة الغداء في سبيل أن يشاهد مبارأة ممتعة يمني نفسه بها.
    لاينبغي ان نلوم ونعاتب الجماهير ما إذا قامت بأي شيء لا يرضي طموحهاوخاصة ما إذا كان هناك تلاعب ونصب في حق من حقوقها..
    كل شيء ممكن في بلاد قد نامت فيها أعين كان ينبغي عليها أن تصحو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى