عثمان ميرغني يكتب: عشرة آلاف دولار لكل “مواطن” سوداني!!
أمس الأول ؛ على صفحتي في موقع “تويتر” و “الفيسبوك” سألت (ما معنى دولة المواطنة؟) طبعا لا أقصد الحصول على اجابات تشرح المصطلح، بل أن أتلمس عمق احساس المواطن السوداني بحقوقه.. بصراحة ذُهلت لأني اكتشفت لماذا المواطن السوداني مغلوب (وحقو مأكول)! من الاستقلال حتى الآن!!
سأعيد السؤال بشكل مختلف، لنفترض أن الأمم المتحدة قررت أن شعب السودان يستحق جائزة (أفضل شعب) وعليه يمنح (كل مواطن سوداني عشرة آلاف دولار نقدا).. كيف تسلم الأمم المتحدة كل مواطن سوداني جائزته المستحقة هذه؟
طبعا لا أتوقع أن تسلمها لوزارة المالية، فضحايا تعويضات حرب الخليج التي وقعت في العام 1990 لا يزالون يطاردون المالية ليتسلموا التعويضات التي دفعتها لهم الأمم المتحدة!
حسنا؛ دعونا نقترب أكثر من الواقع العملي، قال وزير المالية أنهم دفعوا نقدا أكثر من 8 مليار (بالجديد طبعا) مباشرة للأسر الضعيفة التي تأثرت بقرار الحظر والاغلاق الشامل.. كيف وصلت هذه الأموال لهذه الأسر؟ كيف عثرت الحكومة على المواطن المستحق؟
طبعا أتوقع أن تكون الاجابة هي (عن طريق لجنة الحي) هنا المصيبة الكبرى!! ليس تشكيكا في اللجان بل في المعنى الحقيقي لذلك وهو أن الحكومة لا تستطيع التواصل مع المواطن! رغم أن هذا المواطن إذا لم يدفع الضرائب، أو رسوم النفايات فإن الحكومة تقبض عليه مباشرة وتعرف أين تجده!
بعبارة أخرى في لحظة الغرامة المواطن مُعرَّف بدقة للحكومة مباشرة بلا وسيط، وفي ساعة “الحقوق” لا تراه بالعين المجردة فتضطر لتوسيط لجنة الحي أو لجنة الزكاة وغيرها.
الدول الغربية دفعت لشعوبها معونات مالية للمساعدة على تجاوز محنة توقف الأعمال خلال الاغلاق العام، لكن هذه الدول لم ترسل الأموال لمواطنيها عن طريق “لجنة الحي”، بل مباشرة لكل مواطن، لأن هذه الدول تعرف كيف تتواصل مع (المواطن) مباشرة، بمفهوم (دولة المواطنة) الحقيقي لا المصطلح السياسي الذي نستخدمه نحن فنقول “تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات”.. كيف ينال الحقوق من هو مجهول!
الآن؛ أنت يا “مواطن” خذا معك الرقم الوطني وجواز السفر والبطاقة القومية وكل ما يثبت أنك مواطن سوداني، واذهب إلى أي موظف حكومي مهما كان كبيرا أو صغيرا، واستخدم صفتك “مواطن” للحصول على خدمة أو حتى مجرد رد رسمي، ستكتشف حكمة المجنون التي رواها صديقنا البروف عبد اللطيف البوني، قال أن هناك مجنون يقف في “صينية” بالخرطوم ويردد بأعلى صوته (ما أسوأ أن تكون شعبا)!!
كيف تكون “دولة المواطنة؟
إذا كانت وحدة قياس المسافات تبدأ من المليمتر وترتفع حتى كيلومتر، فإن وحدة قياس “الوطن” تبدأ من “المواطن” وترتفع إلى الأسرة، ثم إلى أعلى. فإذا فشلت الحكومة أن ترى “المواطن” بالعين المجردة، فكيف تكون “دولة المواطنة”؟
أنظر كيف أجلت الدول المحترمة “دولة المواطنة” رعاياها من السودان بعد انتشار “كورونا”، فلأنها “دولة مواطنة” فهي تعرف كيف توفر لمواطنها “حقوقه” حيث كان.
مع خالص تحياتي للسودانيين العالقين في الدول الأخرى!!