أخبارتقارير وتحقيقات

نشطاء الإسلاميين في معتقلات حكومة الثورة .. القانون بيد من؟

تقرير: التغيير: سارة تاج السر- مع طي صفحة نظام المخلوع عمر البشير، ظن السودانيين ان مسلسل الاعتقالات الى أجل غير مسمى، قد مضي الى اجله، إلا ان موجة أستهدفت المعارضة السياسية لحكومة الثورة بشكل عام و نشطاء اسلاميين على وجه خاص، تحت طائلة قانوني مكافحة وتمويل الإرهاب.

ومنذ مارس الماضي يقبع نعمان عبد الحليم المحسوب المحسوب على كتائب ظل النظام السابق، بحراسات نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة، دون اطلاق سراحه أو مثوله امام القضاء، وبعد 3 أشهر من اعتقاله اوقفت الشرطة الناشط الاسلامي معمر موسى من داخل مقر لجنة التفكيك ودونت في مواجهته دعاوي، وصفتها هيئة دفاعه بالكيدية لإطالة مدة حجزه، بينما اوقفت نيابة ازالة التمكين الكاتب الاسلامي المعارض اسحاق احمد فضل، لنحو اسبوع قبل ان يطلق سراحه بالضمانة العادية.

تمديد حبس:

اعتقل عبد الحليم -الأمين السياسي لأمانة الشباب الاتحادية بالمؤتمر الوطني المحلول- في 9 مارس الماضي، عقب فشل محاولة اغتيال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وهو أستاذ للفلسفة بجامعة النيلين، كتب قبل أيام من محاولة الإغتيال في صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) قائلا: تبقت 72 ساعة للحسم وحسب بيان صادر من اسرته فقد سلم عبد الحليم نفسه لهيئة الإستخبارات العسكرية في التاريخ المذكور أعلاه بعد أن علم أنه مطلوب للتحقيق  وتم إعتقاله لأكثر من خمسة عشر يوماً؛ وبعد ذلك سلمته هيئة الإستخبارات لمباحث فرعية بحري لمواصلة التحقيق معه بواسطة لجنة مكونة من قبل النائب العام ووزير الداخلية، للتحقيق في حادثة تفجير موكب رئيس الوزراء.

وقالت اسرته: ان النيابة العامة رفضت الأفراج بالضمانة الشخصية عن ابنها بحجة عدم إكتمال التحري، قبل ان تحظره من السفر واستنكرت بقاء نجلها في زنازين حكومة الثورة في ظل الحكم المدني ودولة القانون والديمقراطية التي جاءت بعد حكم عسكري.

النيابة ترفض:

رئيس تنظيم الحراك الشعبي الموحد عضو تيار المستقبل الناشط الاسلامي معمر موسى الذي نشط في التظاهرات ضد الحكومة الإنتقالية، جرى إعتقاله في الثاني من يونيو الماضي، من مقر نيابة لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد، وتم توقيفه بعدها من قبل الشرطة، وتوجيه بلاغات ترى هيئة الدفاع عنه أنها كيدية لإطالة مدة بقائه في الاحتجاز. وبتاريخ 4 يونيو تقدم محامو المتهم بطلب للنيابة العامة للافراج عنه بالضمانة بموجب المادة 105من قانون الإجراءات الجنائية ورفض الطلب بسبب عدم اكتمال اجراءات التحري بشان هاتفه واكد دفاع المتهم ان موسى لم توجه له تهمة حتي الان والتحري انتهي منذ تقديم طلب الضمانة، إلا ان النيابة جددت الحبس حتى يتم فحص الهاتف، واشار الدفاع الى تضرر موكله من الحبس  بسبب عدم اتخاذ اي اجراء قانوني علما بان فحص الأدلة الجنائية لاتتجاوز الساعة، والتمس دفاع المقبوض عليه النيابة، بالاستعجال في التحري ومده بصورة من خطاب إرسال الهاتف المحمول للأدلة الجنائية والسماح له بالمتابعة مع الجهة المعنية

وبسبب مقطع فيديو مصور انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ومقال انتقد فيه ممارسات أحد أعضاء اللجنة القت نيابة التمكين القبض على الكاتب الاسلامي اسحاق احمد فضل في 12 نوفمبر الجاري، قبل ان تطلق سراحه   بعد تقدم هيئة الدفاع عنه بطلب للنائب العام، للأفراح عنها بالضمانة العادية، بعد سلسلة إجراء قانونية.

تطور مقلق وحكومة:

يساور نشطاء ومدافعين عن حقوق الانسان، القلق حيال عودة القبضة البوليسية الى الواجهة مجددا واستمرار  إحتجاز المعتقلين الاسلاميين تعسفيا واعتبروه تطورا مقلقا ويتعارض مع الوثيقة الدستورية واتهموا الحكومة الإنتقالية باستخدام قانون جهاز المخابرات العامة في تجديد أمد إحتجاز الموقوفين،كما انتقدوا لجنة تفكيك نظام 30 من يونيو وصلاحيتها المطلقة في احتجاز المشتبه فيه، ووصفوها بالزراع القمعي و القهري الذي تستغله الحكومة الانتقالية في الاعتقالات التحفظية،  في وقت دافعت النيابة العامة عن موقفها حيال التحفظ على عبد الحليم وموسي واكدت قانونية إعتقالهما دون حكم محكمة بموجب القوانين السارية .

لا  دليل مادي:

عضو شبكة الصحفيين السودانيين، وائل محجوب، يشير إلى خلل في تنفيذ وتطبيق القانون مرتبط بالأجهزة العدلية التي لا تزال تدار بنفس عقلية النظام السابق . وعزا الخلل للوثيقة الدستورية التي قيدت القضاء والنيابة العامة وقال محجوب (للتغيير الإلكترونية): الاعتقال يتم بناء على تقديرات جهات غير مخولة بذلك ولديها مهام محددة لم تنجزها بالشكل الأمثل لضعف الخبرة. وابدى محجوب، رفضه القاطع للاعتقال التعسفي بدون حيثيات ووصفه بغير المقبول وقال: القانون الجنائي يحدد فترة الإعتقال ٩٠ يوما الا أن الواقع يقول أن المعتقلين يبقون محتجزين تعسفيا بقانون جهاز المخابرات العامة الذي يمدد فترة الإعتقال السياسي لمدة يزيد عن 3 اشهر.

وانتقد عضو شبكة الصحفيين السودانيين ما وصفه بالذراع القمعي و القهري الذي تستغله الحكومة الانتقالية في الاعتقالات التحفظية في إشارة للجنة التفكيك التي لديها صلاحية مطلقة في اعتقال واحتجاز المشتبه فيه واكد ان الخلل في المنظومة كان يمكن علاجه سياسيا باعتبار أن ما يجري حاليا خارج القانون، واضاف محجوب: كان الاحرى بالمتضرر اللجوء إلى القانون واتخاذ ما يلزم بدلا مما تقوم به لجنة التفكيك من اصدار أوامر التوقيف والاعتقال

ورهن اصلاح المنظومة العدلية بتشكيل نادي القضاة و النيابة العامة عبر انتخابات حرة ، وأشار إلى أن سلطة الاعتقال في القانون مقيدة ولابد أن تتأسس خلال الفترة الإنتقالية على قوانين الدولة وليس اللجنة أو قانونها أو طريقة عملها

واعتبر محجوب حسب تقديره الشخصي أن سبب التطاول امد اعتقال ناشطي الحركة الإسلامية لعدم وجود دليل مادي يقدم للمحكمة و الحالة قضية محددة العوالم القانونية، وهو ما كان  يفعله جهاز الأمن في عهد النظام البائد حيث كان يطلق سراح المعتقلين بعد انقضاء الفترة المحددة ويجدد احتجازهم في اليوم التالي

ورأى ان ذلك يعود بالمقام الاول لقلة الخبرة السياسية وما انعكس عليها من ضعف خبرة الحاضنة السياسية نفسها والذي اثر على الوضع بشكل عام.

احترام التعهدات:

قانونيا اكد عضو اللجنة السياسية بالتحالف الديمقراطي للمحامين طارق كانديك، ان قانون الاجراءات الجنائية نظم  المواد المتعلقة بقبض المتهمين وحجزهم وكفل لهم الحق في  استئناف الاوامر المقيدة للحريات،  كما كفل حق الضمانة و التحقيق أمام النيابة، فضلا عن تاكيد الوثيقة الدستورية لحق المحاكمة المعادلة لكافة المتهمين لارساء دولة القانون.

وقال كانديك في مقابلة مع (التغيير الإلكترونية) : لايستقيم ان تُمارس ذات الانتهاكات التي عانينا منها في ظل النظام البائد ويقع على عاتق الحكومة الانتقالية واجهزتها العدلية واجب التعاطي بشكل مختلف مع تلك القضايا بانفاذ الاجراءات القانونية السليمة وإن تنسجم مع الوثيقة الدستورية التي تلزم الدولة في  المادة (14) بمساواة الجميع امام القانون والتمتع بحمايته بدون اي تمييز في اللون أو اللغة أو الانتماء السياسي. واشار الى المادة (51) من ذات الوثيقة التي تتحدث عن المحاكمة العادلة تؤكد ان المتهم برئ حتى تثبت إدانته وفق القانون.

واشار كانديك، الى ان على الدولة المحافظة على وتعزيز كافة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية للمتهمين والواردة تفصيلا في قانون الاجراءات الجنائية طالما لم يتم الغاءه.

انتهاك معايير حقوق الإنسان:

أكد عضو المرصد السوداني لحقوق الانسان محمد عروة، عدم قانونية الاعتقال بدون محاكمات واعتبر الاحتجاز الذي طال معتقلين على خلفية قضايا تتعلق بالرأي من النشطاء والسياسيين جريمة و تقييد لحرية التعبير .

وقال عروة (للتغيير الإلكترونية): القائمة تطول لتشمل القيادي القبلي موسي هلال، واعتبر  أن القانون لايتجزأ في التعامل مع الاسلاميين أو غيرهم وطالب الحكومة الانتقالية بتقديم المحتجزين  لقضاء عادل أو اطلاق سراحهم فورا.

وفي معرض تقييمه لأوضاع المعتقلين، اعاب عروة  عدم اهتمام  الجهات الحقوقية الرسمية وغير الرسمية بهذه الانتهاكات، على رأس الاولي وزير العدل نصر الدين عبد الباري وهو القادم من رحم حركة حقوق الانسان، واشار المدافع الحقوقي الى أن المعايير الأساسية لحقوق الإنسان لا تغيير بعد الاطاحة بنظام المعزول واعتبر أن طموحات السودانيين لم تتحقق في مجال حقوق الإنسان في مرحلة ما بعد الثورة، واكد تصدي المرصد خلال المرحلة القادمة لمجمل الانتهاكات الحقوقية التي تتم بالبلاد وعدم شرعية اعتقال النشطاء الإسلاميين بدون محاكمات.

النيابة ترد:

من جانبه دافع وكيل نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة ومكافحة الإرهاب احمد سليمان، عن موقف النيابة  واكد قانونية إحتجاز النعمان وموسي، بموجب القوانين السارية التي لم تتعدل حتى الآن .وقال سليمان( للتغيير الإلكترونية) عبر الهاتف أن النعمان معتقل على ذمة قضية تفجير موكب رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وتم فتح بلاغات في مواجهته بموجب القانون الجنائي وقانون محاربة الارهاب، بينما يواجه معمر موسي  بلاغات أمام النيابة وفقاً لقانون محاربة الإرهاب و تمويل الإرهاب والاتهام بتنفيذ تفجيرات تستهدف عدد من المواقع، وقال مسئول نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة أن التحري لايزال مستمرا مع المتهم الأول وسيتم إحالته إلى المحكمة عقب توافر البيانات، فيما عزا إطالة فترة اعتقال المتهم الثاني لكونه كان مقبوضا في نيابة إزالة التمكين قبل تسليمه إليهم

واكد ان النيابة بعد توقيف المذكورين وجهت لهما التهم الواردة  في خارطة الدعوى الجنائية و بذلك اصبحوا متهمين رسميا،  اما الإحالة للمحكمة فستتم بعد اكتمال التحريات وكذب سليمان ادعاءات محامي المعتقلين بحرمانهم من مقابلة موكليهم. وقال : الزيارة مكفولة بموجب القانون ولم يمنعوا إطلاقا.

وما بين اتهامات الناشطين التي تلاحق حكومة الثورة بقمع معارضيها وواقع الحال، تظل الحوجة ملحة لإجراء المزيد من التحسينات على القوانين ذات الصلة بالحقوق والحريات العامة الأساسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى