كلمة التغيير

الكهرباء والتمكين

حين تفجّرت الثورة مُناديةً بالحريةِ والسلامِ والعدالة، ظنَّ الناسُ أن أُمنياتِهم ستتحّقق فور الإطاحة بنظام (الكيزان) الفاسد، وأن مكامنَ الفسادِ ستُضرب. إلا أنّ الواقع فرضَ شروطه الصعبة ووضع حساباته العسيرة أمام الطموحات والأمنيات.

عمِلت لجنة إزالة تمكين وتفكيك نظام الرئيس المعزول عمر البشير، وفصيله (الكيزاني)، على تكوين لجانٍ فرعية في المصالح الحكومية، ولم يتابع الشعب برُمته عمل تلك اللجان، وإن تابعَ بحماسٍ مؤتمرات اللجنة الأم وإرجاعها للمال العام الذي استولى عليه الكيزان(الاسلامويون الموالون للنظام البائد) بالفساد الظاهر.

وفي قطاعِ الكُهرباء الذي يعاني كل السودان من انقطاع تياره المتواصل صيفاً وشتاءً، كانت الوعود المبذولة من المسؤولين منبعَ تندُّر المواطنين، ففي مارس وعدَ الوزير بانجلاء الأزمة خلال شهر، فصبر الشعب لشهور.

وحين أتى الخريفُ اعتذرَ القطاع بسبب السيول والفيضانات القاسية، ولكن الخريف مضى وأتى الشتاءُ ليُفاجأ الشعبُ بعودة الجدولة ومطالب قيادات الكهرباء بالصبر لأسابيع حتى تُعالج أعطال قيل إنها قليلة. غير أن مسؤولين في إدارات مختلفة أكدوا لـ«التغيير» أن القطوعات ستستمر طوال العام وأن القيادات السياسية تكذِب على الشعب.

واليوم زارَ «التغيير» وفدٌ يُمثل مديري معظم الإدارات والقطاعات والأقسام في شركة كهرباء السودان، وبالنيابة عن (50) مدير إدارة وقسم وقطاع، ذكر الوفد الذي تكون من (3) مديرين، في إدارتي النقل والتوزيع، بأنهم تقدموا بطلب لوزير الطاقة- تجدونه منشوراً في الموقع ضمن تقرير عن الكهرباء- لإعادة النظر في عضوية وهيكلة لجنة تفكيك التمكين الفرعية ومعاييرها الحالية، أو الإعفاء في حال استمرار ما أسموه بـ«النهج الاقصائي وغير القانوني للجنة ازالة التمكين الفرعية في قطاع الكهرباء».

وطالب مديرو الإدارات بإيقاف كل ما تقوم به اللجنة الحالية لحين الاحتكام إلى معايير واضحة معلنة تبنى على أسس عادلة سليمة تضرب بيدٍ من حديد على كل فاسد ومنتفع وتنأى باللجنة عن كل ظلمٍ وانتقام.

هؤلاء الذين تقدموا بطلباتهم لم يكونوا من الكيزان، بل أتت بهم الثورة ورفعتهم في إداراتهم لتُحقق شروط الكفاءة ونظافة اليد والمهنية فيهم. وهم إذ يرفعون أمرهم لأعلى الهيكل التنفيذي لا يدفعهم لذلك مغنمٌ ولا يُجبرهم سلطان، بل يتحركون من ضميرهم الحي ونزاهتهم الصرفة.

على الشعب السُّوداني بكل مكوناته أن يراقب أعمال لجنة إزالة التمكين وتفكيك النظام وأن يُدلي برأيه في تلك الأعمال، سواء إن كانت صادرةً عن اللجنة الأم أو أي لجنةٍ فرعية أخرى.

وعلى اللجنة كذلك- بكل فروعها- أن تُملِّك الشعب السُّوداني الحقائق حول عملها وأن توضِّح أي ملابسات تحتوشهُ، وأن تضع الشعب ومصلحته في المقدمة.

إن إزالة التمكين مهمةٌ صعبةٌ وتتطلّب مقدرةً عالية في الحسم والحزم وسرعة الأداء، غير أنها تتطلّب الدراسة المتأنية وعدم الاستعجال، وهُنا مكمنُ عُسرها.

(50) مديراً في الكهرباء يهددون بإخلاء مناصبهم بسبب «إزالة التمكين» الفرعية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى