السودان: استمرار مشكلات الوقود ومخاوف من تفاقم الأزمة
تجدّدت المخاوف من تفاقم أزمة الوقود في السودان بالرغم من الإعلان عن ضخ كميات بمحطات الخدمة، فضلاً عن فرض زيادات جديدة على الأسعار قبل أقل من أسبوع.
التغيير: سارة تاج السر
خيّمت أزمة الوقود ومشاهد طوابير المركبات الممتدة أمام محطات الخدمة، على ملامح العاصمة الخرطوم، رغم مضي أقل من أسبوع على إعلان الحكومة فرض زيادات جديدة على سعر لتر البنزين إلى (127) جنيهاً بواقع (571.5) جنيه للجالون، ولتر الجازأويل إلى (115) جنيهاً ليصبح سعر الجالون (517.5) جنيه.
استمرار الصفوف
ويأتي شح المشتقات البترولية في ظل أزمة اقتصادية تشهدها البلاد وسط ارتفاع معدلات التضخم التي بلغت 269.33% لشهر ديسمبر الماضي، وتراجع الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية الى مستويات غير مسبوقة.
ورغم الترتيبات التي تقوم بها الحكومة، حيث اعلنت عن إنشاء مستودع “ضخم” للجازولين، ببورتسودان بطاقة إنتاجية تصل 120 الف طن، ووصول عدد من بواخر شحنات الوقود وغاز الطهي الى ميناء بورتسودان منذ الإثنين الماضي، في إنتظار إكمال الترتيبات المالية لتفريغ حمولتها، إلا ان ذلك لم يخفف من حدة الصفوف الخانقة والحانقة.
الإستيراد والإستهلاك والعجز
ووفقا لبيانات الإستهلاك الرسمية فإن البلاد تحتاج إلى نحو 10 الاف طن يوميا من الجاز بينما يبلغ الإنتاج المحلي 4500 طن، بعجز 5500 طن.
أما البنزين فإن الاستهلاك اليومي يبلغ 4500 طن، وينتج محليا ما بين 2700 طن إلى 300 طن، فيما تترواح الفجوة ما بين 1500 طن إلى 1800 طن، وتستهلك البلاد 1750 طن يوميا من البوتجاز، ويبلغ إنتاج المصفاة 750 طن، ويصل العجز إلى 1000 طن، غاز الفيرنس بلغ استهلاكه اليومي 1500 طن، وينتج محليا 500 طن، وتصل الفجوة إلى 1000 طن، بينما يبلغ عجز وقود الطائرات 335 طن، اذا يبلغ الاستهلاك اليومي 700 طن وتنتج المصفاة 365 طن.
وبهذه المعطيات فإن البلاد تحتاج إلى 4 بواخر شهريا و48 باخرة في السنة لتغطية العجز في الجاز أي بمعدل 165 الف طن، وصلت منها في 2020م 22 باخرة و12 باخرة في السنة للبنزين، تمكنت الحكومة من استيراد 4 بواخر فقط، اما البوتجاز فالبلاد تحتاج إلى 4 بواخر شهريا بمعدل 48 باخرة في السنة وصلت 15 باخرة فقط.
وأشار وكيل وزارة الطاقة والتعدين إلى أن إغلاق البلاد بسبب جائحة كورونا خفف أزمة الوقود وإلا فإنها كانت ستتفاقم اكتر من ذلك.
مبيت في الطلمبات واحتقان شعبي
ويضطر اصحاب السيارات لانتظار ناقلة المحروقات معظم النهار وقضاء ساعات الليل في مركباتهم للحصول على الوقود، وقال محمد علي، ان تعبئة سيارته الخاصة غالبا ما يعتمد على الحظ حال وصل متأخرا، فربما نفد المخزون بالمحطة ليكون مجبرا على اختيار امرين احلاهما مر، فاما ركن المركبة وانتظار الناقلة القادمة لساعات طويلة، واما البحث عن محطة اخرى.
أما المركبات العامة (المواصلات) بحسب مواطنين، فإن سائقيها يستغلون الازمة لمضاعفة التعريفة خاصة في ساعات الذروة أو التوقف عن العمل في غياب الرقابة الحكومية، مما خلق حالة من الاحتقان الشعبي حيث انطلقت منذ بداية الاسبوع الجاري، مظاهرات ليلية باحياء العاصمة المختلفة وأغلق المحتجون على تدهور الاوضاع المعيشية والذين تترواح اعمارهم ما بين 15الى 20 عاما، الطرق بالإطارات المشتعلة والحواجز الاسمنتية.
عجز توفير النقد
مسؤول بوزارة الطاقة والتعدين تحدث لـ(التغيير) مفضلا حجب هويته، رهن انجلاء الازمة بتوفر الاموال المطلوبة للاستيراد، وقال: السبب المباشر لشح الوقود عجز وزارة المالية عن توفير العملات الاجنبية للاستيراد.
فيما عزا وزير الطاقة والتعدين المكلف خيري عبد الرحمن، الازمة، للشائعات التي أطلقها البعض بزيادة أسعار المحروقات وإنتشارها في الميديا وانها كانت سبباً مباشراً لحدوث الازمة الاخيرة وعودة الصفوف مجدداً أمام محطات التزود بالخدمة، منذ منتصف يناير الحالي.
واوضح أن العديد من شركات توزيع المحروقات أحجمت عن التوزيع في إنتظار زيادة الوقود.
صيانة المصفاة
وبرغم تأكيد خيري قرب انجلاء الأزمة في تنويره لأجهزة الإعلام عقب اجتماع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بوزراء القطاع الاقتصادي والأجهزة الأمنية خلال الأسبوع الحالي، الا أن وكيل وزارته حامد سليمان، رهن إنفراج أزمة الوقود والغاز، نهائيا، بالفراغ من أعمال الصيانة بمصفاة الجيلي بحلول نهاية فبراير القادم.
إغلاق الطريق يعمق الازمة
وتوقع وكيل الوزارة أن تزداد الأزمة عمقا بسبب إغلاق الأهالي لطريق الخرطوم- بورتسودان عند منطقة سنكات، الأمر الذي سيعيق انسياب الإمدادات النفطية خلال الأيام القادمة رغم وصول البواخر الميناء.
وكشف في مقابلة مع برنامج (الشارع يريد) على شاشة التلفزيون القومي مساء الأربعاء، عن رفع تعريفة شركات النقل بواقع 10 الاف جنيه، للطن الواحد.
أسباب تطاول الأزمة
شح النقد الأجنبي والموارد المالية السبب الرئيسي لازمة المشتقات البترولية إضافة إلى توقف المصفاة بسبب الصيانة الدورية، وفقا لوكيل الوزارة.
وحمل الوكيل، وزارة المالية مسؤولية عودة الصفوف التي بدأت منذ 17 يناير وحتى 24 منه حيث كان من المفترض مراجعة أسعار المحروقات من قبل الوزارة الا أنها تاخرت لعدة أسباب من ضمنها دراسة إعفاء السعر الجديد من ضريبة القيمة المضافة، وسط إحجام شركات التوزيع عن استلام المواد البترولية الا بعد صدور السعر الجديد والذي بلغ 127 جنيها بدلا من 147 جنيها، وبموجب ذلك بدأ إنسياب الوقود من بورتسودان الى الخرطوم.
واكد سليمان أن فئة نقل المواد البترولية تضاعفت 3 مرات إلى أن بلغت حاليا أكثر من 10 الاف جنيه للطن الواحد، تكفلت بها وزارة المالية من غير تحريك سعر اسطوانة غاز.
وكشف الوكيل عن وجود 34 شركة توزيع مواد بترولية لكنه أكد تردي بيئة العمل فيها ووصف محطاتها بالبائسة والفقيرة وعدم التزام عمالها بالنواحي المهنية والصحية.
وأشار إلى أن اعمال الصيانة تجري في مصفاة الجيلي، ليلا ونهارا بواسطة 700 اجنبي من جنسيات مختلفة بجانب خبرات سودانية، للانتهاء من العمل قبل المواعيد المحددة.
عطاءات شفافة
ونفى بشدة منح الوزارة اي تصاديق لأفراد أو شخصيات فيما يلي الإمدادات النفطية وانما استثناءات لبعض الجهات ذات الخصوصية مثل المستشفيات.
واكد ان توريد المواد البترولية يتم عبر عطاءات شفافة تشارك فيها كل الجهات ذات الصلة.
وشدد بأن تلك الشفافية قطعت الطريق أمام المستفيدين لذلك قاموا باستهداف الوزارة والعاملين فيها.
وحذّر من أن التطاول والإساءة ستقابل بإلاجراءات القانونية اللازمة.
وأشار وكيل الطاقة، إلى أن الرقابة ليست من مسؤوليات وزارته التي تختص مهامها بالاشراف العام، وتوضيح بيانات الاستهلاك واستلام القطاعات، على أن تتولي الأجهزة العدلية ومباحث التموين والأمن الاقتصادي والشرطة موضوع الرقابة باعتبارها سلعة استراتيجية.