كلمة التغيير

السودان تساؤلات وتحديات ما قبل وبعد تشكيل الحكومة

 

هناك تساؤلات وتحديات تحاصر الفترة الانتقالية منذ الحكومة السابقة وستظل  ماثلة بعد التشكيل الوزاري المرتقب

كلمة التغيير

إن  تأخر إعلان التشكيل الوزاري الجديد في السودان   يعكس أزمة عميقة في الفترة الانتقالية. لأن سبب التأخير هو الخلافات حول حصة كل تيار سياسي من السلطة. ومن هنا يتضح ان  جوهر الأزمة  هو انشغال الطبقة السياسية المهيمنة على المشهد بالصراع حول من يحكم السودان. بدلا من الاهتمام بالإجابة على السؤال التاريخي الذي ما زال يتحدى البلاد منذ استقلالها : كيف يحكم السودان. إن الهدف الاستراتيجي  للفترة الانتقالية يجب ان يكون تهيئة السودان للتحول الديمقراطي عبر تدابير محددة، بعضها مفصل في “الوثيقة الدستورية” وبعضها الآخر غائب عن الوثيقة أو متعارض معها،  وهنا يحتاج الامر  إلى إرادة سياسية قوية وضغط شعبي لتطوير الوثيقة ومعالجة عيوبها .

ولكن نزولا إلى الحد الأدنى الذي يسمح به توازن القوى الحالي والذي أنتج  شراكة السلطة القائمة حاليا بين المكونين المدني والعسكري في إدارة الانتقال، تبرز أسئلة مهمة جدا عن تفاصيل البرنامج الذي بموجبه ستحكم الحكومة الجديدة التي تدور حولها صراعات ومعارك ضارية حول المناصب. ما هي خطتها لوقف التدهور الاقتصادي والتصدي بكفاءة وحزم لفك الضائقة المعيشية التي تسحق المواطنين؟. ما هي خطتها لإسعاف الصحة والتعليم وصحة البيئة وخدمات الماء والكهرباء ؟. ما هي خطتها للتعامل مع شركات القطاع العسكري والأمني غير الخاضعة لولاية وزارة المالية الامر الذي يقف عائقا اساسيا امام الإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات والدعم التنموي؟ .

ما هي خطتها لمواجهة “الثورة المضادة” التي تنشط في تخريب الاقتصاد والامن والنسيج الاجتماعي  وتعويق اي خطوة نحو تحقيق اهداف “ثورة ديسمبر” ؟. ما هي خطتها لاستكمال السلام وصناعة الدستور؟. وما هي خطتها للعدالة الانتقالية وحقوق الإنسان  والإصلاح القانوني؟.

وماذا عن إصلاح  الخدمة المدنية ومكافحة الفساد واسترداد الأموال العامة؟. وصولا إلى تهيئة الملعب السياسي لانتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.

مهام واجبة

هذه اهم  واجبات الحكومة الانتقالية، وبنص الوثيقة الدستورية هناك مفوضيات مستقلة يجب ان تنشأ لتنفيذ هذه البنود المهمة  للانتقال الديمقراطي. وحتى الآن لم تتشكل هذه المفوضيات، كما لم يتشكل “المجلس التشريعي الانتقالي”.  فهل “قوى الحرية والتغيير” التي ترشح لرئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك القائمة التي يختار منها حكومته لديها تقييم موضوعي لأداء الحكومة السابقة واسباب فشلها في كثير من الملفات؟ وهل هي مدركة لخطورة ان يمر كل هذا الوقت من عمر الفترة الانتقالية في غياب البرلمان؟. ومن ثم غياب دور التشريع  والرقابة  والمحاسبة عن فترة من المفترض ان تؤسس لتحول ديمقراطي؟.

وهل اختيارها للوزراء الجدد على أساس الكفاءة ام محض المحاصصات الحزبية؟. للأسف منهج المحاصصة هو الملمح الأبرز في التشكيل الوزاري المرتقب الذي يأتي تنفيذا لاتفاق سلام جوبا، الذي ينص على تخصيص مقاعد وزارية وسيادية للفصائل العسكرية والسياسية الموقعة عليه، كما نص على تمديد الفترة الانتقالية إذ يبدأ حساب مدتها (39 شهرا) ابتداء من تاريخ التوقيع على الاتفاق(3 اكتوبر 2020 ) بدلا من ان تبدأ من تاريخ التوقيع على الوثيقة الدستورية (17 أغسطس 2019) ، ومن ضمن تعديلات الوثيقة الدستورية استثناء الوزراء وأعضاء مجلس السيادة من الموقعين على اتفاق سلام جوبا من “حظر الترشح في الانتخابات العامة  التي تلي الفترة الانتقالية بالنسبة لشاغلي المناصب الدستورية فيها” ، وهذا الاستثناء دليل صريح على التعامل مع الفترة الانتقالية بعقلية حيازة “الغنائم السياسية” ، لا بعقلية التضحية وبذل الجهد في التأسيس لواقع سياسي مختلف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى