كلمة التغيير: حتى لا تنجح هذه المؤامرة القذرة
شهدت عشرة ولايات سودانية على الأقل خلال الأيام القليلة الماضية احتجاجات على الضائقة المعيشية مصحوبة بأعمال عنف وتخريب وسلب ونهب وإتلاف للمتلكات العامة والخاصة، مما دفع الولاة لفرض حالة الطوارى وحظر التجوال وإطلاق التحذيرات من مؤامرات النظام البائد التي تهدف لإغراق البلاد في الفوضى. ما هي الخطة المرسومة لإفشال هذه المؤامرات؟ هذا هو السؤال الصعب المطروح ، ليس فقط أمام الحكومة الانتقالية بل أمام كل القوى الشعبية الحية المنحازة لثورة ديسمبر المجيدة. عندما تعلن حالة الطوارئ في أكثر من نصف ولايات السودان الذي ينشد التحول الى الحكم المدني الديمقراطي، فهذا جرس إنذار على المستوى السياسي قبل المستوى الأمني!
لا شك ان النظام البائد يعمل بصورة منهجية لإفشال الفترة الانتقالية عبر استخدام أذرع “الدولة العميقة” في تخريب الاقتصاد والخدمات ، وتعويق العدالة وصناعة الأزمات التي تدفع المواطنين للاحتجاج المشروع، ومن ثم اختراق هذه الاحتجاجات والانحراف بها الى العنف والتخريب والاقتتال القبلي وكل ما من شأنه زعزعة الاستقرار في البلاد تمهيدا للانقلاب وعودة فلول النظام البائد للسلطة على موجة الغضب الشعبي! ان حماية الوطن من هذه “المؤامرة القذرة”، تتطلب عملا منهجيا في عدة جبهات سياسية واقتصادية واجتماعية وإعلامية وامنية.
سياسيا مطلوب من الحكومة الانتقالية في المركز والاقاليم تأكيد التزامها بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ومنها الحق في التعبير والتظاهر والاحتجاج السلمي تمشيا مع روح الثورة ، وفي ذات الوقت تنفيذ إصلاحات عاجلة في أجهزة الشرطة والامن والجيش والخدمة المدنية لتعزيز كفاءتها في فرض القانون والتصدي للعنف، ومحاسبة كل من يتواطأ مع الثورة المضادة في تخريبها للنسيج الاجتماعي عبر الفتن القبلية أو تهديدها لأمن المواطنين بالسلب والنهب والترويع، واقتصاديا لا بد من تدابير عاجلة لتخفيف الضائقة المعيشية وكبح جماح الغلاء المتصاعد بجنون وحل معضلة الندرة في أساسيات الحياة،فالاحتقان الاجتماعي بسبب الجوع والحرمان، نتيجته الانفلات الأمني واستشراء الجريمة، وعندما تكون هناك جهات متربصة باستقرار البلاد حتما ستستغل هذا الاحتقان وتوظفه سياسيا، إن هزيمة الثورة المضادة لن تتم دون تلاحم شعبي بين القوى المؤيدة للتحول الديمقراطي والمنحازة لقيم الثورة فيما بينها وتوافقها الصلب على انجاح الفترة الانتقالية، وفي هذا السياق لا بد ان تقوم الحكومة الانتقالية بواجباتها في تنفيذ اهداف الثورة ولا تطمع في تأييد مجاني، وعلى رأس هذه الواجبات وقف نزيف الدم في الولايات وطرد شبح الفوضى والسلب والنهب منها عبر كشف الأيدي الخفية التي تعبث بالأمن و كشف الايدي المتواطئة معها في”الدولة العميقة” ومساءلة ومعاقبة العابثين والمتواطئين بواسطة قضاء نزيه ومستقل.