أخبارثقافة

مريد البرغوثي.. رحيل صاحب «فلسطيني في الشمس»

توفي الكاتب والشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، الأحد، عن عمر ناهز الـ«77» عاماً، بعد حياة حافلة بالإبداع الأدبي والشعري، تمكن خلالها من ربط القارئ ببلاده فلسطين وثقافتها، واكتسب جمهوراً عريضاً من المعجبين.

التغيير- وكالات

من أشهر الاقتباسات عن روايته «ولدت هناك ولدت هنا» كانت مقولته عن الموت والرحيل، وحالة التعود التي لحظها من حوله بعدما ماتت في الناس الكثير من الأشياء، حتى بات الموت أحد المعتادات.

يقول الاقتباس الذي ضمته دفتي واحدة من أشهر روايات الكاتب والشاعر الفلسطيني الراحل مريد البرغوثي: «أكثر ما يفزعني أن نعتاد الموت، كأنه حصة وحيدة أو نتيجة محتومة علينا توقعها في كل مواجهة».

ورحل البرغوثي، الأحد، عن عمر ناهز الـ«77» عاماً، ونعاه نجله الشاعر تميم البرغوثي عبر صفحته بـ«فيسبوك» بنشر صورة سوداء مع كتابة اسمه- في إشارة لوفاته والحداد عليه، بعد أن عاش معظم حياته في المنفى بشكل أو بآخر.

رمز إبداع

ونعت وزارة الثقافة الفلسطينية، الأديب الراحل في بيان، وذكرت أنه توفي في العاصمة الأردنية عمان، وقال وزير الثقافة عاطف أبو سيف، إنه برحيل الشاعر والكاتب مريد البرغوثي تخسر الثقافة الفلسطينية والعربية علماً من أعلامها، ورمزاً من رموز الإبداع والكفاح الثقافي الوطني الفلسطيني.

وأضاف بأن الراحل من المبدعين الذين كرسوا كتاباتهم وإبداعاتهم دفاعاً عن القضية الفلسطينية وعن حكاية ونضال شعبنا وعن القدس عاصمة الوجود الفلسطيني.

وأكد أن أفعاله الشعرية والنثرية ستخلد حكاية الكفاح والنضال الوطني الفلسطيني والفكر الإنساني.

في الشتات

ولد مريد البرغوثي في يوليو 1944م في قرية دير غسانة قرب رام الله في الضفة الغربية، وتلقى تعليمه في مدرسة رام الله الثانوية.

سافر إلى مصر العام 1963م والتحق بجامعة القاهرة وتخرج في قسم اللغة الإنجليزية وآدابها العام 1967م وهو العام الذي احتلت فيه إسرائيل الضفة الغربية ومنعت الفلسطينيين الذين تصادف وجودهم خارج البلاد من العودة إليها.

وعن هذا الأمر كتب البرغوثي في كتابه الشهر «رأيت رام الله»: «نجحت في الحصول على شهادة تخرّجي وفشلتُ في العثور على حائط أعلِّق عليه شهادتي».

ولم يتمكن من العودة إلى مدينته رام الله إلا بعد ذلك بثلاثين عاماً من التنقل بين المنافي العربية والأوروبية، وهي التجربة التي صاغها في تلك السيرة الروائية.

تزوج البرغوثي من الروائية المصرية الراحلة رضوى عاشور أستاذة الأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس بالقاهرة ولهما ولد واحد هو الشاعر والأكاديمي تميم البرغوثي.

وذكرت بعض المراصد أنه كان ممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية لفترة طويلة، لكنه ظل بعيداً عن الأحزاب السياسية.

12 ديوان

نشر الراحل مريد البرغوثي كتبان نثريات هما رأيت رام الله، وولدت هناك ولدت هنا، وله 12 ديواناً شعرياً، هي «الطوفان وإعادة التكوين، فلسطيني في الشمس، نشيد للفقر المسلح، الأرض تنشر أسرارها، قصائد الرصيف، طال الشتات، رنة الإبرة، منطق الكائنات، ليلة مجنونة، الناس في ليلهم، زهر الرمان، منتصف الليل، مجلد الأعمال الشعرية، الأعمال الشعرية الكاملة الجزء الأول، الأعمال الشعرية الكاملة، واستيقِظ كي تحلُم».

وكان ديوانه الأول قد نشر عن دار العودة في بيروت عام 1972م بعنوان الطوفان وإعادة التكوين.

وترجمت أشعاره إلى عدة لغات وحاز كتابه النثري رأيت رام الله على جائزة نجيب محفوظ للآداب فور ظهوره وصدر في 6 طبعات عربية، وصدر باللغة الإنجليزية، وحصل على جائزة فلسطين في الشعر العام 2000م.

مشاركات ومواقف

وشارك البرغوثي في عدد كبير من اللقاءات الشعرية ومعارض الكتاب الكبرى في العالم.

في أواخر الستينات تعرّف على الرسام الفلسطيني الراحل ناجي العلي واستمرت صداقتهما العميقة بعد ذلك حتى اغتيال العلي في لندن عام 1987، وقد كتب عن شجاعة ناجي وعن استشهاده بإسهاب في كتابه رأيت رام الله، ورثاه شعراً بعد زيارة قبره قرب لندن بقصيدة أخذ عنوانها من إحدى رسومات ناجي أكله الذئب.

وفي بيروت تعرف على غسان كنفاني الذي اغتاله الإسرائيليون العام 1972م.

وكتب البرغوثي قصيدة فلسطيني في الشمس، في رثاء كاتب المقاومة الفلسطينية غسان كنفاني بعد اغتياله، عبر فيها عن حزنه وغضبه لفقدان غسان، فقد كان صديقا مقربا منه، تشاركا الأدب والفن والهم والقضية، وعندما اغتيل شعر مريد بالوحدة القاتلة، وشعر بأنه لم يتبق غيره يحمل هم القضية الفلسطينية، طلب من الأرض أن تعيد له غسان، وتكلم عن نفسه بصفة كاظم الغيظ الذي يحاول المستحيل ليستطيع التعامل مع فقدانه.

وعرف البرغوثي بدفاعه عن الدور المستقل للمثقف واحتفظ دائماً بمسافة بينه وبين المؤسسة الرسمية ثقافياً وسياسياً، وهو أحد منتقدي اتفاقات أوسلو. سجنته السلطات المصرية وقامت بترحيله العام 1977م إثر زيارة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لإسرائيل وظل ممنوعاً من العودة لمدة 17 عاماً. وكان أول ديوان نشره بعد طرده من مصر هو ديوانه الأكثر شهرة قصائد الرصيف 1980م.

ويهتم البرغوثي في قصائده بالمشترك الإنساني مما يجعل شعره بالغ التأثير في قارئه أياً كانت جنسيته، وهو يكتب بلغة حسِّية مادية ملموسة ويعمل على ما يسميه تبريد اللغة أي ابعادها عن البطولية والطنين. وتخلو قصيدته من التهويمات والهذيان، وهذا ما ساهم في توسيع دائرة قرائه في العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى