بحر الدين عبد الله
كذبوا كثيراً
حينما
زعموا بأنّكِ تكرهين طعامَنا جدّاً،
وأنّكِ تعشقين حساءنا
المطهُوَّ بالزيتونِ،
قُلتِ؛ بلى
حساءَ الجُمْجاتْ
ولطالما صدقوا،
ألا تكفيكِ جمجمتي؟
لماذا تأكلين أصابعَ الأشجارِ
أيتها التلالُ المُستلِذَّةُ باللحوم الساخنةْ
قولي لماذا يا فتاةُ
تُسجّلين جماجمَ البُلْدانِ
في وجباتِ قائمة ِالطعام الأشْكِنازيِّ اللذيذْ
أوَ تسرقين تُراثنا الشعبيّ؟
ثُمَّ بحَقِّ تلك الذكرياتِ
تذوَّقي إن شئتِ
مِنْ مرَقِ السلامِ
عليكِ لعنةُ جدّيَ المشنوق
في شجر العوائلْ
وبحقّكَ المكتوبِ بالدم يا أبي
هذي النجومُ كما الأناجيلُ الحزينةُ
سوف تخلع جلدها البرّاقَ
كي تُخفي جماجمَنا وأطباق الصبا
من أعين الحاخام إنْ متنا
وهذا البيتُ سوف يغادرُ السَّهْلَ القديمْ
وأنا وعائلتي
سنرجع كي نزور ضريحَكَ العالي
لتقرأَ – كلما رفعوا بنادقَهم-
علينا الفاتحهْ
نَمْ جيداً
فغداً سنسهرُ يا حبيبي
كي تنامَ الأرضُ بضعَ دقائقٍ
قلتُ اذْبحيني كي أنامَ هنا
بقرُب أبي
لكَمْ أحبَبْتُ
أن أحكي له أخبارَ قريَتِنا
وآتي للتحيّةِ كُلّما ارتفع الدخانُ
لكنما هذي الفتاةُ
كغيرها تركتْ يدي
ومضتْ تُغني للصواريخ اليتيمة كُلِّها
ولدمعِ (يافا) يوم خانْ
نامي فهذي الأرض مُتعبة ٌ
ومتخمةٌ بأشلاء البيوتْ
فلْتتركيها يا (أسِيَّةُ) سوف تولَدُ (غَزَّةٌ) أخرى،
بلثغةِ ثديِكِ المقطوعِِ لُطفاً أرْضعيها
واشْبُكي يدَكِ الجريحةَ في يدي
فأنا برغمِ الموتِ أحفظ ملْمَسَ الكفّ التي كانت
تُمَسّي مثل مِجْرفةٍ علَيْ
وأنا أُحبُّكِ يا رحيمةُ باسْمِ موسى
مثلما هذي القذائف في قساوتِها تحبّ المَيّتينْ
ولا أُحبّكِ
مثلما المستوطنون هنا أحبّوا لَوْزنا
وتقاسَمونا يا جميلةُ
لهْفَ زيتونٍ وتِينْ
فلتجعلي هذا الحساءَ مُتبّلاً بالأغنياتِ
وساخناً
فحساءُ (غزّةَ) لم يعُدْ يكفي عدوّاً واحداً
وصغارُها لم يتركوا بوابةً في القدسِ
إلاّ تبّلوها زعتراً ودماءْ