مؤتمر باريس.. سودان بدون كيزان
خالد فضل
كل عام وأنتم بخيرين تلاتة، الله لا كسّب الكيزان، فقد جثموا على صدورنا، همّا وغمّاً طيلة ثلاثين عاماً؛ هي بكل تأكيد من أخصب سنوات العمر لجيلي من مواليد عقد الستينات من القرن الماضي، فقد جاءونا في ليل بهيم، يتلصصون للسطو على الحكم عند الساعة الثانية عزّ الليل، وقد صدق رئيسهم المخلوع البشير لمرّة واحدة في عهده العشوم، عندما كان يصف تلك الليلة في حوار تلفزيوني مع الأستاذ أحمد البلال الطيّب عندما قال بالحرف (كنت أتوجس من حركة تاكسي صدف مروره بشارع بيتنا في كوبر في تلك الساعة (فالحرامي في راسو ريشة)، هكذا وصف نفسه بدقة متناهية وصدق غير معهود فيمن تربى في معيّة الكيزان، وبايع والده عليه الرحمة زعيم الإخوان حسن البنا أو كما قال المخلوع !!
الله لا كسّبم، زرّاع الفتن، لا يعيشون إلا في الجو النتن، وقد غني مغني الثوار (سودان بدون كيزان) وكان ذلك من هتافات الشوارع الشابة، بعذوبة صوت الكنداكات، وتوقيع الشفّاتة المبدعين، وهم يسطرون في التاريخ البشري ملحمة جيلهم العظيم، مبدع الثورة السلمية الجارفة التي أبطلت سحر سحرة أحمد هرون وسواطير كتائبه القذرة، وألجمت سطوة كتائب ظل علي عثمان، الذي فقد ظلّه، وكشف عن تيبّس في شرايين إنسانيته، وهو من يتباهى بإزهاق الأرواح في لحظة واحدة لعشرات الأشخاص، في إشارته لإغتيال ضباط حركة رمضان؛ حسبما ورد في تلك التسجيلات المسرّبة لمحاضر اجتماعات عصابتهم الإرهابية. نعم سودان الثورة بدون كيزان _ شاء جبريل أم أبى _ فقد انكشفت عورة سنوات التيه والطغيان، تلك العقود الكالحة من عمر الوطن، تراكمت فيها الديون الخارجية حتى جاوزت 60مليار دولار، ومع ذلك يأتيك من لا يزور الحياء سلوكه أبدا، ليشمت في وعثاء الحكومة الإنتقالية التي يقودها المدنيون الصادقون من أبناء وبنات بلادنا، وقد ورثوا خرابا تنؤ بحمله الجبال، ولكنهم عازمون على المضي في سكة إعادة وطنهم للطريق القويم بعد طول توهان، وكما المرض لا يخرج من الجسد دفعة واحدة، فإنّ العافية درجات، وها هي ملامح العافية تدُّب في جسد الوطن الذي أثبتلي بوباء الكوزونا لثلاثين عاما، ذلك الفيروس الغشيم الذي ينهك جسد أي بلد يصيبه فيحيله إلى هشيم.
نعم العافية تدرُّج طبيعي طالما كان الإتجاه العام يسير في الوجهة السليمة، وجهة إقرار السلام، وبسط العدالة، وتثبيت الحرية، دون إلتفات لتفاهات الكيزان ومن سار بغير وعي في ركبهم الفاسد، أليس جديرا بالإحتفاء حقا تلك الخطوات الجبّارة للعودة إلى المجتمع الإنساني الدولي بعد طول إغتراب، فقد شبعنا من ساقط القول على شاكلة ( تحت الجزمة )، وتجرعنا مرارة الصراخ الفارغ ب(دنو العذاب)، الآن، يفرش البساط الأحمر لرئيس وزرائنا المدني د. عبدالله حمدوك، يُنزل منازل الفخامة اللائقة به كقائد يسعى لرفاه شعبه، الآن يخاطب البرهان رئيس مجلس سيادتنا ملتقيات القادة، ومحامع الرؤساء، وقد عشنا وشفنا حقبة الكيزان، ورئيسهم يعود بشق الأنفس (منططا عينيه الزائغتين) بعد زرّة الجنائية في جنوب إفريقيا ونيجيريا والصين، وتستلزم العودة مغامرات ومساومات وصفقات مذلّة مع الصين وروسيا، و(جعيير) د. غندور أمام كاميرات التصوير، وجثو النيّل؛ رئيس إتحاد شباب الكيزان ساجدا تحت أقدام رئيسه (المذعور) !! والبرهان أمام فرصة تاريخية ليسجل اسمه في تاريخ الوطن، بأن يتجه دون لولوة أو تلفُّت للوراء صوب غايات الشباب وطموحات النساء؛ أصحاب الثورة الأصلاء ومطلبهم واضح (سودان جديد يا بلادي) وحيا الغمام سيدي دوشكا، سودان العدالة والسلام والحرية، وكل القيم النبيلة التي ترومها الأجيال الشابة وضحى من أجلها الشهداء، الآن تبدو بلادنا على درب التعافي، وكلما سارت خطوة اشتدّت الكروب على الكيزان، لابد من حصارهم بالعدالة التي تجتث الفساد، لابد من المحاسبة على كل روح أزهقوها، كل ثروة نهبوها، كل لحظة أضاعوها على الوطن بفسادهم وغطرستهم وانحطاطهم الأخلاقي والسياسي والفكري، محاسبة المفسدين، والقصاص للأبرياء من الضحايا، وتسليم المجرمين إلى لاهاي فورا، تلك من مؤشرات السير نحو سجلات التاريخ لقادة فترة الإنتقال، طي صفحة الحروب الأهلية وإبرام اتفاقات سلام شاملة وعادلة ومتفاوض عليها مع القائدين الحلو وعبد الواحد، ضرورة لازمة لقطف ثمار العودة للأسرة الدولية، أنداد بما نملك من قدرات مذهلة وامكانات مهولة، أحرار بنصاعة صفحاتنا من الإرهاب والتآمر ضد الآخرين، شرفاء بعقولنا وسواعدنا، أقويا بوحدتنا وتنوعنا وأصالتنا، أكفاء للعيش وسط شعوب العالم دون استعلاء أو دونية، هذا هو الطريق الصحيح وعليه يجب أن نسير، ولتكن باريس نقطة العبور، التحية للرئيس ماكرون الذي ترجم مشاعر اعجابه بالثورة السودانية إلى فعل ملموس، وفرنسا موئل تلك القيم النبيلة المساواة والحرية وحقوق الإنسان، وشكرا حمدوك وكل التيم الذي أنجز مهمة الإعداد لوثيقة المؤتمر، والله لا كسّب الكيزان. على قول حبيبنا الغالي د. مرتضى الغالي؛ وهو في دعواه عليهم محقّ.
المشكله يااخى كل السوء الذى تراهو فى الكيزان نحن كمان نراهو فى جماعتك ناس والحريه والتغيير ومن حولهم…قولى الحل شنو…الكيزان اخطاوا نعم لكن هل بسبب خطأ الكيزان علينا ان نقبل بمن هم سنه اولى سياسة.