أخبارتقارير وتحقيقات

«التغيير» تكشف خفايا خلافات الخارجية والمالية بشأن البعثات الدبلوماسية «2- 4»

كشف تحقيق لـ«التغيير» خفايا ومعلومات جديدة حول الأزمة التي نشبت بين وزارة الخارجية السودانية ووزارة المالية، بسبب قرار تعيين محاسبين ومراجعين قانويين بكل البعثات الدبلوماسية في الخارج.

الخرطوم: التغيير

أجرت «التغيير» تحقيقاً موسعاً حول قضية خلاف الوزارتين، اتضح خلاله بعض الحقائق حول اتهامات المحاسبين لنافذين في وزارة الخارجية بعرقلة إلحاقهم والمراجعين للبعثات بغرض إخفاء مخالفات! الأمر الذي نفته الوزارة معترفة برفضها لعودة جميع المحاسبين، وقدمت حججاً مفصلة لذلك الرفض.

ونخصص هذه الحلقة من التحقيق لتتبع الاتهامات من جانب محاسبي المالية، وردود الخارجية على تلك الاتهامات بالتفصيل.

كما سنكشف عن بعض الوثائق التي تحصلنا عليها في الصحيفة خلال تحقيقنا، وضمنها استعراض لقضايا الفساد في البعثات خلال الأعوام الأربع الماضية، مع التركيز على العام 2018م.

إلى جانب عرض الأزمة المالية التي تلاحق البعثات في الخارج، واتهامات الفساد وغيرها.

محاسبون: ما يدور في السلك الدبلوماسي الخارجي «فوضى»

اتهامات مباشرة

التقت «التغيير» عدداً من المحاسبين يتبعون لديوان الحسابات التابع لوزارة المالية- فضلوا حجب أسمائهم- وساقوا اتهامات لوزارة الخارجية، موضحين أن عدد المحاسبين بالخارج حالياً «35» فقط بجانب «4» صرافين و«2» مراجعين، وذلك منذ القرار «298» الذي أصدره الرئيس المعزول عمر البشير في 2018م.

وقالوا إن قرار تقليص البعثات الخارجية طبق فقط على المحاسبين دون غيرهم، إذ كان هنالك أكثر من «75» محاسباً بالخارج.

وأشاروا إلى أن الإداريين الذين تم إرجاعهم للخرطوم عادوا مرة أخرى للعمل في مواقع جديدة وبحسب رغباتهم، وأن «40» إدارياً أعيد نقلهم مرة أخرى للخارج في 2021م.

وأضافوا أنه ورغم صدور قرارين من مجلس الوزارء ووزارة المالية بإعادة المحاسبين لكن الخارجية رفضت التنفيذ بحجج واهية، ووصفوا ما يدور في السلك الدبلوماسي الخارجي بـ«الفوضى»، ونوهوا إلى أن «20» من العاملين في شؤون الخدمة يقومون بوظائف محاسبين بالسفارات.

وأضافوا أن السفارات ترفض عمل المحاسبين فيما يضم هيكلها الإداري محاسبين وتستخدم عمالة مؤقتة لسد الفراغ، متهمين من أسموهم بـ«النافذين» في الخارجية بتعمد الفراغ المحاسبي للتغطية على الفساد- بحسب رأيهم.

الخارجية: بعض البعثات صغيرة، وابتعاث محاسب ومراجع يُحمّل الدولة أضعاف مخصصات البعثة

الخارجية ترد

من جهته، نفى مدير عام الموارد البشرية والمالية بوزارة الخارجية السفير عادل حسين شرفي، تطبيق قرار التقليص على المحاسبين أكثر من غيرهم.

وقال إن السودان لديه أكثر من «70» سفارة وقنصلية بالخارج بها أكثر من «35» محاسباً، ووصف العدد بالكبير لأن النظم المحاسبية واضحة، ووزارة الخارجية أحرص على الصرف وعلى المال العام ويهمها وجود محاسبين ومراجعين في البعثات الكبيرة أو الإيرادية ولا تقيّم الموضوع على أساس مكتسبات ذاتية وشخصية بغض النظر عن المسؤولية العامة والمحافظة على المال العام وضغط المنصرفات، وتحرص الوزارة على التعاون مع المراجعة الداخلية وديوان المراجع القومي والإسراع بتقديم المخالفين لنيابة الفساد المالي والمحاكم.

السفير عادل شرفي

وأوضح أن بعض السفارات لديها إيرادات ضخمة مثل السفارات في دول الخليج، وهذه يمكن أن يكون فيها أكثر من محاسب، لكن بعضها لا تصل إيراداتها أو ميزانية تسييرها لثلاثة آلاف دولار في الشهر فيصبح المحاسب والمراجع عبئاً على الدولة وإهداراً لمواردها.

وشدد شرفي على أن المسؤولية وطنية وليست ذاتية بين وزارتي المالية أو الخارجية، وقال: «لو كنا ننظر لها من باب مصلحة العاملين بالخارجية لما أوصت الوزارة مجلس الوزراء بإغلاق أكثر من عشرين سفارة والاكتفاء بقائم بأعمال بدلاً عن سفير في بعض البعثات الدبلوماسية الاخرى ».

«22» عملية فساد في 2018م تصدّرها المحاسبون والمراجعون الماليون

عمليات فساد أو مخالفات مالية

وتحصلت «التغيير» على وثيقة تثبت وجود «22» عملية فساد بالبعثات الدبلوماسية في 2018م، أتهم فيها دبلوماسيان و«3» إداريين، فيما تصدر المحاسبون والمراجعون الماليون القائمة، إضافة لهروب محاسب بتحويل شهر  لسفارة بإحدى الدول الأوروبية لم يتم القبض عليه حتى الآن.

وتفصيلاً، أثبتت الوثائق التي بحوزة الصحيفة أن قضايا الفساد التي نسبت لبعثات دبلوماسية أتهم فيها «21» شخصاً بينهم سفيران، وشطب الاتهام في مواجهة أحدهما لاكتشاف خطأ حسابي، ومضت الإجراءات في مواجهة الآخر، وهو من منسوبي الوزارة المعينين سياسيا في العهد البائد بينما بقية المتهمين الـ«19» هم محاسبين ومراجعين ماليين.

وفي الأعوام اللاحقة 2019- 2021م كانت نسبة المخالفات مقاربة للعام 2018م وبذات المنوال من حيث الوصف الوظيفي، حيث تصدر المحاسبون القائمة.

وأكدت الوثيقة أن اتهام سفير محدد في دولة أفريقية بالفساد لا أساس له من الصحة ولم يحدث!

المكتب التنفيذي: وزيرة الخارجية تتبرع بمرتبها ونثرياتها لمشاريع وزارية ضمنها التأمين الصحي

مخصصات الوزيرة

وحول ما أثير بشأن استلام وزيرة الخارجية د. مريم الصادق لنثريات سفرياتها الخارجية التي كثرت خلال الشهر الحالي، أوضح مصدر بالمكتب التنفيذي للوزارة أن الوزيرة تتبرع بكامل نثرياتها لمشاريع داخل الوزارة.

وكانت «التغيير» نشرت أن النثريات تذهب للعاملين والسفراء المتقاعدين، لكن الأصح والأدق أن الأموال تذهب لمشاريع في الوزارة بما في ذلك التأمين الصحي للعاملين ومشاريع أخرى، بحسب المكتب التنفيذي.

مستندات تكشف حقيقة اتهامات فساد البعثات الدبلوماسية

إخفاء مخالفات

المحاسبون الذين تحدثوا لـ«التغيير»، ذكروا أنه عندما وصل قرار المالية لوزيرة الخارجية وافقت ووجهت بالإجراء الفوري، لكن القرار توقف عند أحد كبار المسؤولين بالوزارة ورفض تمريره وبدأ قيادة حرب ضد المحاسبين.

واعتبروا أن «المتحكمين والنافذين» في الخارجية يرفضون عودة المحاسبين خوفاً من كشف ما يدور من مخالفات.

واتهموا سفارة باستخدام (طباخ) للقيام بمهمة المحاسب، ونوهوا لوجود سفارات تعاني تكدس المغتربين، بها عشرات الإداريين لا يقومون بأي عمل مقارنة بالمحاسبين ويقع العبء على محاسبين اثنين وصراف فيما ينشط الوسطاء والسماسرة لتمرير الخدمات للمغتربين، مشيرين في ذلك لسفارة السودان في مصر.

وجزموا بوجود بعثات لديها إيرادات كبيرة جداً تكفيها، بل يمكن توزيعها للسفارات التي تعاني من مشاكل.

شاهد من المالية

ونفى مصدر من المحاسبين- يعمل بالمالية لأكثر من عشر سنوات، فضل حجب إسمه، أن تكون هنالك حالات فساد وسط السفراء بالصورة التي ذكرت.

وقال لـ«التغيير»، إن حالات الفساد كانت محصورة في سفارات معينة وبصورة صغيرة جداً. ووصف  قرار وجود محاسب ومراجع في كل سفارة  بالخطأ.

وأوضح أن لائحة المالية تنص على أن أي جهة تعطيها الوزارة مالاً لابد أن تكون تابعة لها.

وقال: «لكن هذا لا يعني أن يكون المحاسبون والمراجعون موجودون في البعثات الخارجية، ويمكن أن يقوموا بعملهم من الداخل من خلال الاستفادة من التقنيات المتطورة في هذا المجال».

السفير عادل شرفي: البعثات لم تتصرف في الإيرادات ولا عمالة مؤقتة في الجانب المالي

حديث غير دقيق

من جانبه، نفى شرفي ما ورد من معلومات من المحاسبين، ووصف حديثهم بغير الدقيق، ولا سليم. كما نفى تصرف البعثات في الإيرادات، وقال إن بنود صرف هذه الإيرادات تأتي من وزارة المالية، وحينما تفشل الوزارة في إيداع المرتبات بحسابات البعثات وتوجد بعض الإيرادات في هذه البعثات فتضطر بعض البعثات لدفع مستحقات العمالة المحلية أو بعض الخدمات مثل الكهرباء والاتصالات والوقود.. إلخ التي يمكن الصرف منها لحين نجاح المالية في تغذية حسابات البعثات.

وحول وجود «20» من العمالة المؤقتة يقومون بوظائف محاسبين بالسفارات، قال شرفي: «لا توجد أي عمالة مؤقتة تعمل في الجانب المالي».

ونفى شرفي أن يكون في سفارة السودان بمصر محاسبين أو ثلاثة فقط! وأشار إلى أن جدة والقاهرة (كمثالين) يوجد بهما ما لا يقل عن «8» من المحاسبين والمراجعين.

نواصل…

تحقيق: قصي مجدي سليم، علاء الدين موسى، الفاضل ابراهيم، سارة تاج السر وعوض جاد السيد

«التغيير» تكشف خفايا خلافات «الخارجية» و«المالية» بشأن البعثات الدبلوماسية «1- 4»

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى