رحيل الهرم الشعري السوداني محمد طه القدال
توفي الشاعر السوداني الكبير محمد طه القدال، مساء يوم الأحد، بالعاصمة القطرية الدوحة التي توجه إليها في رحلة علاجية مؤخراً.
التغيير- الخرطوم: عبد الله برير
فقد السودان، مساء يوم الأحد، واحداً من أبرز فرسان الكلمة الشعرية، خاصة العامية، برحيل الهرم الشعري الكبير محمد طه القدال، الذي توفي بالعاصمة القطرية الدوحة.
ونعى الشاعر الراحل، عددٌ كبير من أصدقائه ومجايليه وزملائه والإعلاميين، وتوشحت وسائط التواصل الإجتماعي المختلفة بالنعي والترحم على روح شاعر عرف كيف يدخل إلى قلوب ملايين السودانيين عبر رحلة إبداعية استمرت عقوداً طويلةً.
وكان أول من نعى الراحل القدال، فيصل محمد صالح المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء السوداني، على صفحته الشخصية بـفيسبوك وكتب: «القدال خلانا ورحل».
وسينقل جثمان الشاعر القدال، إلى العاصمة الخرطوم ليوارى الثرى في أرض البلاد.
أعمدة شعرية
والقدال يعد أحد أبرز الشعراء السودانيين المعاصرين الذين يكتبون بالعامية، واشتهر بكتاباته ذات العمق السياسي والعاطفة الوطنية الجياشة.
ولد القدال بقرية حليوة في ولاية الجزيرة، ودرس المرحلة الثانوية بمنطقة المدينة عرب.
بدأ القدال دراسة الطب في جامعة الخرطوم، غير أنه لم يكمل تعليمه به ليتجه إلى دراسة الإدارة.
تغنى بأشعار القدال العديد من الفنانين السودانيين، على رأسهم الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد وفرقة عقد الجلاد الغنائية.
وكان الراحل القدال– بجانب كتابة الشعر- عازفاً ماهراً وتشكيلياً، عمل في بداية حياته بتلفزيون السودان القومي.
ويعد القدال، أحد المنافحين ضد الأنظمة الديكتاتورية التي حكمت السودان، بدءاً من نظام الرئيس الأسبق الراحل جعفر نميري، مروراً بنظام الإخوان المسلمين البائد.
ويعتبر محمد طه القدال، إلى جانب الشاعرين الراحلين محجوب شريف ومحمد الحسن سالم حميد، من أهم أعمدة الشعر السوداني المقاوم الذي عبّر عن صوت الشارع.
يقول القدال في نصه «بقول غنوات» الذي غناه صديقه الفنان مصطفى سيد أحمد الذي رحل بالدوحة أيضاً العام 1996م: «مرق من شامة القمرة، ومجرتق بوداعة الله، ومقدم بالعديل يبراك، أبشروا تعالوا يا جنيات، شليل ما راح.. شليل ما فات، شليل عند المسور مرق بقالو حصاد، شليل فوق التقانت قام خضار وبلاد».
وتميزت أشعار الراحل القدال بالكتابة العامية التي تناقش قضايا وهموم الناس في عموم البلاد وبلغةٍ بسيطة جزلة تمس شغاف القلوب وتستقر في روع البسطاء والحالمين، ولعل أكثر السودانيين يحفظون رائعته الموسومة بـ«مسدار أبو السرة لليانكي».
كما تميزت تلك الأشعار بالروح الثورية الوثابة، مما جعلها ركناً أساسياً في شعارات وهتافات الثوار تشحذ هممهم وتدفع بهم نحو المقاومة.
رحلة علاجية
وكان الشاعر القدال، غادر البلاد في أبريل المنصرم، للاستشفاء عقب وعكة صحية ألمت به.
وعانى القدال خلال تلك الفترة من آلام حادة، واشتبه في إصابته بسرطان البنكرياس.
وشرعت عائلته على الفور في الحجز له بالعاصمة القطرية الدوحة لإجراء الفحوصات اللازمة.
لكن سفر القدال إلى قطر جابهته صعوبات بعدما قامت عائلته بتقديم جواز السفر لاستخراج تأشيرة الدخول، حيث فوجئوا بعودة الجوازات غير مؤشرة.
واستاءت عائلة القدال بسبب ضياع أكثر من اثني عشر يوماً في الانتظار، مع تراجع الحالة الصحية للشاعر.
ولم تبد وزارة الخارجية السودانية السودانية والسفارة القطرية، أي أسباب واضحة لرفض دخول الشاعر القدال، ما أثار غضب واستياء محيط القدال ومحبيه.
وعشية سفر القدال، كان في وداعه محبوه من الشعراء والأصدقاء الذين حفوه بدعوات الشفاء العاجل، والذين أشاروا إلى أن القدال ورغم حالته الصحية، لم تفارق الابتسامة محياه.