حملة سودانية لمراقبة الأسواق وضبط السلع.. هل تنخفض الأسعار
بدأت السلطات السودانية، حملة لمراقبة الأسواق وضبط السلع، على أمل أن تسهم بإحداث استقرار في جانبي الوفرة والأسعار، بالرغم من انتهاج الحكومة لسياسة التحرير الاقتصادي، مما يدفع للتساؤل حول إمكانية نجاحها!!
التغيير- الفاضل إبراهيم
تعوِّل الحكومة السودانية كثيراً على نجاح الحملة القومية لمراقبة الأسواق وضبط السلع التي ابتدرتها وزارة التجارة نهاية الشهر الماضي عبر حملات توعية وسط التجار للإسهام في خفض الأسعار.
وأوضحت وزارة التجارة، بالتعاون مع الجمعية السودانية لحماية المستهلك ومباحث التموين، أن الفترة الأولى للحملة التي تستمر حتى نهاية الشهر الحالي، ستكون لتوعية التجار بأهمية وضع ديباجات توضح الأسعار على السلع، ومن ثم ستشرع الوزارة في محاسبة أي تاجر لا يضع الديباجات.
التجارة: المرحلة الثانية للحملة ستكون ملزمة للتجار بوضع الديباجات على الأسعار التأشيرية
مرحلتان
وقال مدير عام التجارة الداخلية بوزارة التجارة الفاتح عبد الله يوسف، مقرر اللجنة العليا للرقابة على الأسواق وضبط الأسعار، إن الحملة تستهدف خلال المرحلة الأولى تبصير المواطنين بحقوقهم وصولاً لأسعار معقولة ومناسبة في السوق حسب التكلفة.
وأضاف في اتصال هاتفي مع «التغيير»، أن المرحلة الثانية للحملة ستكون ملزمة للتجار بوضع الديباجات على الأسعار التأشيرية وفق المادة «5» من قانون المستهلك.
لجنة الرقابة: سنشدد على عدم تجاوز الزيادة في الأسعار «15%» من سعر الشراء
تحديد الأسعار
وشدد الفاتح على عدم تجاوز الزيادة في الأسعار «15%» من سعر الشراء.
وقال إن هنالك «10» سلع تم تحديد أسعارها التاشيرية من ضمنها العدس والأرز، وستشمل كل السلع عبر دراسات علمية ميدانية يقوم بها فريق مختص لتحديد الأسعار التأشيرية .
ودعا الفاتح المواطنين للمشاركة في إنجاح الحملة.
وقال: «نعول على المواطنين في إنجاح الحملة بنشر الوعي ومن ثم تفاعل المواطنين بالتمسك بحقوقهم والتبليغ عن المخالفين».
وأشار إلى أن الحملة الحالية كشفت عن ضبط مواد غير مطابقة للمواصفات.
ولفت إلى بعض التجار يلجأون لتزوير فواتير الشراء، لذلك يعولون على المواطنين في كشف الفساد والإسهام في الحفاظ على استقرار الأسعار بتعاونهم مع فريق الرقابة على الأسواق وضبط الأسعار.
هيبة القانون
من جانبه، قال رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك د. ياسر ميرغني، إن الحملة من شأنها فرض هيبة القانون الخاص بالتجارة في الخرطوم والقانون القومي لحماية المستهلك ومنع الاحتكار.
وأكد د. ياسر لـ«التغيير»، أن القانون ملزم وليس فيه خيار للتاجر، والغرض من ذلك ليس التشكيك في ذمة التجار بل خلق منافسة بالأسواق.
وأوضح أن القانون القومي لحماية المستهلك يُلزم بقيام نيابات خاصة ومحاكم للمستهلك في المركز والولايات، وقال: «نحن حالياً في انتظار تسمية القاضي المختص».
وكشف ميرغني عن اختيار «200» شخص من القيادات المجتمعية بالأحياء «معظمهم من معاشيي الأجهزة النظامية» للقيام بمهمة تسليم طلب الحضور من النيابة للتاجر بما يعرف بالضبطية القضائية، وسيرتفع العدد في المستقبل لتغطية المناطق كافة.
فرص نجاح
واعتبر ميرغني أن فرص نجاح الحملة كبيرة جداً عقب التجاوب الكبير من التجار أنفسهم والمواطنين.
وقال إن دورهم في الجمعية هو تبصير وتوعية المواطنين بحقوقهم بالتبليغ الفوري عن المخالفات في الرقم «8889»، بجانب رقم وزارة التجارة «1948»، خاصةً فيما يلي الخبز والغاز والدواء، إضافة إلى السلع التي تحددها وزارة التجارة.
وأضاف: «لن نسمح بتكرار التجارب الفاشلة.. نعمل على بث الوعي وسط المواطنين في كافة وسائل الإعلام خلال الفترة الأولى للحملة التي تعتمد على نشر الوعي بجانب ضبط السلع الغير مطابقة للمواصفات».
حماية المستهلك: لن نسمح بتكرار التجارب الفاشلة، وسننشر أسماء التجار المخالفين في وسائل الإعلام
شفافية
وأكد ياسر ميرغني أن سياستهم في الفترة المقبلة بالجمعية ستعتمد على الشفافية بنشر أسماء التجار المخالفين في وسائل الإعلام عكس ما كان يحدث سابقاً بكتابة أحرف فقط، كما ستعلن الجمعية عن أماكن «البيع الرخيص».
باحث اقتصادي: سياسة التحرير الاقتصادي تتنافي مع أسلوب المراقبة وإجبار التجار على وضع ديباجات بالأسعار
تشكيك وصعوبات
لكن الباحث الاقتصادي أحمد إدريس شكك في نجاح الحملة.
وقال لـ«التغيير»، إن الحكومة لن تستطيع مراقبة الأسواق لمدة «24» ساعة في المركز والولايات، كما أن سياسة التحرير الاقتصادي تتنافي مع أسلوب المراقبة وإجبار التجار على وضع ديباجات بالأسعار التي تتغير كل يوم في ظل الارتفاع الكبير لمعدل التضخم الذي تجاوز «360%».
وأضاف إدريس بأنه من الصعوبة وضع أسعار تأشيرية يومية أو أسبوعية، وأنه كان الأجدى تسريع خطوات مشروعي «سلعتي» و«ثمرات»، بجانب تشجيع القطاعات الحقيقية للإنتاج في الزراعة والصناعة، واستبدال الدولار الجمركي برسوم عادية كما في كل الدول بدل تحريره وبالتالي رفع قيمة الاستيراد حيث أن السودان يعتمد على الواردات بنسبة تفوق الـ«70%».
تنسيق
من ناحيته، أكد الأمين العام للجهاز القومي لحماية المستهلك اللواء نصر الدين صالح مشاوي، رئيس اللجنة العليا لضبط الأسواق، وجود تنسيق بين كل الجهات المختصة لمراقبة الأسواق والمتمثلة في الجهاز القومي لحماية المستهلك ونيابة حماية المستهلك، بجانب المباحث العامة ومباحث التموين والجمارك والأمن الاقتصادي، بالإضافة للمواصفات والمقاييس وإدارة المستهلك ومجلس تنظيم المنافسة.
«10» سلع
وأوضح مشاوي لـ«التغيير»، أن الحملة تستهدف في المرحلة الأولى توعية التجار بضرورة وضع ديباجات توضح أسعار السلع بهدف إيقاف فوضى الأسعار .
وقال إن هنالك «10» سلع تعكف وزارة التجارة على وضع أسعار تأشيرية لها كبداية، ومن ثم سيتم زيادة عدد السلع.
وبحسب مشاوي فإن الحملة تستهدف- بجانب إيقاف فوضى الأسعار- محاربة السماسرة والوسطاء باعتبارهم من الأسباب الرئيسية لارتفاع الاسعار.
واعتبر أن وجود هذه الأجسام الرقابية في السوق يؤكد على هيبة الدولة ويملأ الفراغ الذي نفذ من خلاله السماسرة والطفيليون للسوق .
وشدد مشاوي على أن إدارته والجهات المختصة لن تترد في فتح بلاغات ضد التجار المخالفين والمتلاعبين بالأسعار وفق قانون حماية المستهلك القومي 2019م وقانون المستهلك لولاية الخرطوم 2012م.
مشاركة واسعة
ووصف مشاوي بداية الحملة بالناجحة لجهة أنها شهدت مشاركة واسعة من الجهات المختصة، بجانب تجاوب المواطنين معها.
ودعا الإعلام للقيام بدوره في إسناد الحملة باعتبارها تصب في مصلحة المواطنين بضبط الأسواق.
ظواهر سالبة
بدوره، وصف الأمين العام للغرفة التجارية بولاية الخرطوم الطيب طلب، الحملة بأنها توعوية أكثر من كونها حملة لضبط الأسعار والأسواق.
واشار إلى أنه يؤيد الحملة لضبط مراقبة الأسواق واستمراريتها، وتوقع استقرار الأسعار.
وقال طلب إن استمرارية الحملة على الأسواق التي تنظمها وزارة التجارة تسهم في محاربة الظواهر السالبة.
عموماً، الحملة لازالت في مرحلتها الأولى ويبدو أنه من المبكر الحكم النهائي على إمكانية نجاحها في ضبط الفوضى التي تضرب بأطنابها في أسواق العاصمة والولايات، لاسيما وأن سياسة التحرير، علاوة على عناصر أخرى كثيرة تسهم في عدم القدرة على ضبط الأسعار ومراقبة السلع في ظل التضخم وارتفاع أسعار صرف العملات، وربما تبدأ النتائج في الظهور بعد المرحلة الثانية من الحملة.