كشف وزير الاستثمار والتعاون الدولي السوداني الهادي محمد إبراهيم في حوار لـ«التغيير»، عن نزع «170» مشروع مخالف للقوانين لصالح الحكومة السودانية.
التغيير- حوار: علاء الدين موسى
أكد وزير الاستثمار والتعاون الدولي السوداني الهادي محمد إبراهيم، أن أغلب المشاريع التي تم نزعها لصالح الحكومة استغلت في أغراض غير التي جرى التصديق عليها، ونوه لوجود مشاريع تحت المراجعة والتقييم.
وقال الوزير في حوار لـ«التغيير»، إنه بصدد تسجيل زيارة لمشروع «أمطار» عقب عطلة عيد الأضحى، للوقوف عليه ومن ثم إصدار بشأنه.
ونفى إبرام عقود مع مستثمرين تخول لهم الاستفادة من الأراضي الزراعية لآماد تصل «99» عاماً. واتهم قيادات في النظام السابق بتخصيص أراضٍ لمستثمرين بغير وجه حق:
لم نسافر على الخطوط السعودية لرفضنا التفتيش
* بداية.. هناك تساؤلات عن أسباب تأخر الوفد السوداني عن زيارة عبر الخطوط السعودية.. هل السبب هو التفتيش؟
تخلفنا عن الرحلة عبر الخطوط السعودية الاسبوع الماضي، بسبب رفضنا الخضوع للتفتيش ورجعنا إلى مكاتبنا، وعلى الفور اتصل بنا السفير السعودي واعتذر لرئيس الوفد وأعلن أن الرحلة قائمة، وتم تأجير طائرة خاصة، وما حدث سوء فهم، لأنه لم يتم إخطار كابتن الطائرة بوجود وزراء سودانيين ضمن الرحلة.
* وهل تم إيجار الطائرة على حساب الدولة؟
إيجار الطائرة لم يكن على حساب الدولة وإنما تكفل بها رجال أعمال.
الحكومة قررت التقشف لذا حجزنا تذاكر عادية
* وما هي الفكرة من حجز وزراء لتذاكر في طائرة ركاب عامة؟
الفكرة أن الحكومة اتخذت قراراً بالتقشف، لذلك قطعنا تذاكر عادية عبر الخطوط السعودية لعدم وجود طائرة سودانية.
* وما هو غرض زيارة وفد وزاري للسعودية في هذا التوقيت؟
الزيارة للملكة العربية السعودية جاءت بدعوة كريمة من حكومة المملكة، بعد أن رأت أهمية التعاون مع السودان في مجالات الاستثمارات المطروحة، وقبل الزيارة التقيت بمحافظ صندوق الاستثمار السعودي في مارس الماضي، وقدمت له طرحاً أعجب به ووجه دعوة لوزراء المالية، الطاقة والاستثمار لزيارة المملكة والتباحث حول المشروعات التي من الممكن طرحها في المرحلة المقبلة.
* وما هي مخرجات الزيارة؟
الزيارة أسفرت عن مقابلة «8» وزارات بالمملكة، ومحافظ البنك السعودي، وما لا يقل عن «40» مؤسسة وشركة، وجميعها ابدت الرغبة في الاستثمار في السودان، والوفد السوداني طرح رؤية واضحة لموضوع البحر الأحمر لخبرتنا الطويلة في هذا المجال.
لدينا تفاهمات مع السعودية للاستثمار على شاطئ البحر الأحمر
* ما هي رؤيتكم لتطوير الموانئ خاصة وأنها تعاني من مشاكل بنيوية؟
الرؤية ممثلة في أن الموانئ تتهيأ لخدمة الدول التي ليست لديها منافذ على البحر الأحمر، وذكرنا لهم أن تأهيل الميناء مربوط بحزمة مشروعات منها مشروع أعالي عطبرة والطاقة والإنتاج الحيواني والزراعي والنقل والسكة حديد، تكون متكاملة وأبدوا موافقتهم على ما تقدمنا به، ووصلنا إلى تفاهمات سنصل فيها لغاياتنا قريباً، لأن السعودية من الدول المؤهلة لاستثمار في السودان.
لم تتم مناقشة الاستثمار في الفشقة خلال زيارة السعودية
* وهل ناقشت الزيارة موضوع الاستثمار في الفشقة؟
لم تتم مناقشة عملية الاستثمار في الفشقة، لأن الحكومة السودانية لم تقرر فتح فرصة الاستثمار فيها حتى الآن، والعرض الذي تقدمت به دولة الامارات رفض من كل قطاعات الشعب السوداني رسمياً وشعبياً، لأن العرض كان ينتقص من سيادة السودان على أرض الفشقة.
* ولكن البعض يرى أن البيئة السودانية غير مهيأة للاستثمار؟
هذا الحديث غير صحيح.. لأن البيئة أصبحت مهيأة تماماً للاستثمار، بدليل أن «4» مشاريع كبرى بدأ العمل فيها، وهذه الاستثمارات نتيجة لخروج السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب واندماجه في المجتمع الدولي، ودخوله في برنامج «الهيبك» وقرار إعفائه من الديون التي تصل إلى «90%» من مجمل الديون التي تمثل «60» مليار دولار، وما يعفي «50» مليار دولار تقريباً.
* ولكن القانون مازال يشكل عائقاً أمام المستثمرين؟
السودان عمل إصلاحات كبيرة في قانون الاستثمار وقانون “الهيبتي”- الشراكة بين القطاع العام والخاص، إلى جانب إجراء إصلاحات داخل وزارة الاستثمار، من خلال عمل خارطة استثمارية جديدة، وسعى لتوحيد النوافذ الموجودة للانطلاق من خلال نافذة واحدة لتبسيط الإجراءات للمستثمر، بالإضافة إلى الإصلاحات البنكية بإجازة قانون النافذتين الذي سمح للبنوك الأجنبية بالدخول للبلاد والتعامل بالصيغ التقليدية المعروفة عكس الصيغ الإسلامية.
* وهل تم حل إشكالية التقاطعات بين المركز والولايات فيما يخص الأراضي؟
القانون عالج مشكلة الأرض، ونص على عدم التصديق للمستثمر في أي أرض إلا بعد التأكد الكامل أن هذه الأرض خالية من الموانع، في السابق كانت المشاريع تعطى دون التأكد من سلامتها من الموانع، وهذا ما أدى لحدوث المشاكل والتنازع بين المستثمر والأهالي.
وأيضاً القانون الجديد أزال الإشكاليات التاريخية التي كانت تحصل في التنسيق بين المركز والولايات، وسمى القانون المشروع الولائي، والقومي أو الاتحادي، ونص على عمل منسقين بالولايات، وتم جمع المنسقين في قروب «واتساب» لنشر القوانين والتعريف بها.
هناك مشاريع تحت المراجعة والتقييم
* وكيف تعامل القانون الجديد مع الأراضي التي تم منحها لمستثمرين لمدة «99» سنة؟
القانون لم ينص اطلاقاً على منح أي مستثمر أرضاً لـ«99» سنة، وقانون 2013م المعدل في 2021م لم يتحدث عن صيغة بهذا الشكل، بل أعطى سلطة تأجير الأرض لاستراد رأس المال، جعلها تقديرية وبحدود، ولكن الاستثناءات التي حدثت في عهد المخلوع البشير خالفت القانون نفسه، وهذا يعتبر تجاوزاً قامت به قيادات الحزب المحلول بإعطاء مستثمرين أراضٍ بغير وجه حق، وأغلب تلك الأراضي تم إلغاؤها ونزعها لصالح الحكومة السودانية.
* وكم عدد المشاريع التي تم إلغاؤها ونزعها حتى الآن؟
هنالك مشاريع تم إلغاؤها بالولاية الشمالية، ومشاريع أخرى تم نزعها من أصحابها لمخالفة القانون، وهذه المشاريع لا تقل عن «170» مشروع، وهنالك مشاريع تحت المراجعة، وأخرى تم نزعها وأعيدت لأصحابها.
لهذه الأسباب «…» تم إرجاع مشروع الراجحي بعد مصادرته
* عفواً.. ما هي المشاريع التي أعيدت لأصحابها؟
من ضمن المشاريع التي تم إرجاعها لأصحابها مشروع الراجحي، صاحب الاستثمارات الضخمة في السودان، وهو يقدم أعمال خير كثيرة في الولاية الشمالية ونهر النيل، ومشروعاته تمثل جزءً كبيراً من الاقتصاد القومي السوداني، وبالتالي تمت معاملته بصورة استثنائية.
* وهل تم الارجاع بناءً على شروط معينة؟
ليست هنالك أي شروط، وانماء مراعاة لحجم الاستثمارات، وعلاقة السودان بالمملكة العربية السعودية والاستفادة من خبرات البلدين في التنمية والاستثمار.
سأزور مشروع «أمطار» عقب عطلة عيد الأضحى
* وماذا عن مشروع «أمطار» خاصة وأنه يستحوذ على أراضٍ شاسعة؟
سنقوم بزيارة لمشروع «أمطار» بعد عطلة عيد الأضحى المبارك مباشرة للوقوف على المشاكل الخاصة بالمستثمرين، وقدرتهم على الاستثمار ومن ثم نقيم الوضع وبناءً على ذلك نصدر القرارات، وسنعمل على مراجعة جميع المشاريع التي قامت في الفترة الماضية، والمشاريع التي استغلت في أغراض غير التي تم التصديق لها، وهنالك بعض المستثمرين عرضوا استثماراتهم للبيع وهذا فيه عدم جدية من المستثمر، وهذه ستخضع لتمحيص ومراجعات.
* وما هي العقوبات التي تفرض على المستثمرين الذين تنصلوا عن العقودات؟
القانون ليس به عقوبات، ولكن المستثمر إذا تم إعفاؤه من الرسوم لا يغادر السودان إلا بعد دفع تلك الرسوم، وستتم بعض الإجراءات الخاصة لاسترداد أموال الدولة منه.
* في الحقبة الماضية شهد مجال الاستثمار فساداً كبيراً خاصة في عملية بيع الأراضي، هل تم استرجاع تلك الأراضي؟
الفساد في الاستثمار نوعين؛ جزء ضالعة فيه الوزارة، وهذا مربوط بالقيادات في الدولة، والوزارة لم تكن استثناءً من ذلك، بل أصبحت تشكل نوعاً من أنواع الفساد المنظم خاصة في مجال إعطاء التراخيص والقرارات التي صدرت في حق المستثمرين، ومن وجهة نظري تم ابعاد الوزارة من موقعها السابق ليتم الفساد «برواقة» لأنه لا يوجد سبب لإبعادها من مكانها السابق.
* وماذا عن المشاريع التي تم استردادها مؤخراً من قيادات النظام السابق؟
هنالك عدد من المشاريع التي تم استردادها من قبل لجنة إزالة التمكين، ولم نتسلم تلك المشاريع لعلاقتها المباشرة بالمال العام، وتم تحويلها لوزارة المالية.
* على ذكر لجنة إزالة التمكين هنالك يقول إن بعض الموظفين بالوزارة تم فصلهم دون وجه حق؟
التقيت بجميع الأخوة الذين صدر بحقهم قرار من لجنة إزالة التمكين، وطلبت من أي شخص تظلم من هذا القرار أن يتقدّم باستئناف ضد القرار، ويوكل من يراهم محامين للدفاع عنه، ليتم النظر في تظلمه، وبناءً على ذلك تم إعادة بعض الموظفين المفصولين تعسفياً من المناطق الحرة وخطاباتهم وصلت للوزارة، وأيضاً جلست مع اللجنة واعطتني حيثيات لقرارات الفصل بحق هؤلاء الموظفين.
* وهل كانت هذه الحيثيات مقنعة بالنسبة لك؟
مقنعة تماماً، وجزء كبير منها كان فيه مستندات…
* هل اشتملت هذه المستندات على عمليات فساد قام بها المفصولون؟
لا أريد أن افصح عنها، لأننا عندما اتينا للوزارة لم يكن هدفنا التسبب في إيذاء شخص مادياً أو معنوياً، ولم يكن من الممكن الإبقاء على هؤلاء الناس في ظل الحيثيات الموجودة.
* وماذا عن الأمين العام المكلف، خاصة وأنه محسوب على الثورة؟
الأمين العام المكلف واحد من الذين شملهم هذا القرار، ولم يتقدّم باستئناف ضد القرار لذلك لا نستطيع إرجاعه للعمل بالوزارة.