حمدوك مصدوم من التصنيف المائي للسودان
أطلقت وزارة الري والموارد المائية في السودان، استراتيجية وطنية موحدة للمياه بالبلاد، لإدارة مثلى للمياه بما يحفظ حقوق الأجيال القادمة.
التغيير- الخرطوم: سارة تاج السر
أعرب رئيس الوزراء السوداني د. عبد الله حمدوك، يوم الاثنين، عن صدمته، إزاء تصنيف بلاده ضمن الدول التي تقع تحت خط الفقر المائي.
ويبلغ نصيب الفرد حوالي 750 متراً مكعباً في العام، بينما يعد كل من يحصل على أنصبة أقل من 1000 متر مكعب سنوياً تحت خط الفقر المائي.
تصنيف صادم
وخاطب حمدوك اليوم الاثنين، حفل تدشين أول استراتيجية وطنية موحدة للمياه في السودان، بحضور وزير الري والموارد المائية ياسر عباس وعدد من الوزراء وممثلين المنظمات الدولية.
وقال: “كنت اعتقد إن بامكان السودان تصدير المياه ولكن الحقيقة الصادمة هي أن بلادي تقع تحت خط الفقر المائي”.
واضاف: “ليس لدينا المياه الكافية لاستهلاكنا، وهذا الأمر يحتم علينا تصميم استراتيجية شاملة حول موارد المياه بما يمكننا من الاستفادة القصوى منها”.
وأشار إلى ان السودان يقبع في ذيل قائمة الدول في التصنيف العالمي للأمن الغذائي والدولة رقم 7 في قائمة الدول التي تأثرت بصدمات التغير المناخي والدولة رقم 14 في الجاهزية لتلك الصدمات.
وأقر بأن طبيعة هطول الأمطار المتذبذبة في السودان أثرت في موارد المياه وصنفت السودان ضمن الدول الأقل فقرا في المياه خاصة في المناطق التي تعتمد على الزراعة المطرية والأودية الموسمية.
وأشار إلى ان الجفاف والسيول وارتفاع درجات الحرارة جعلت من الصعب إدارة موارد المياه بكفاءة لضمان استمرارية تقديم خدمات المياه.
وكشف عن أن 40% من ربات البيوت في السودان لا يحصلن على مياه مأمونة يُعتمد عليها، إلى جانب نقص خدمات إمداد المياه الذي يؤثر على الصحة العامة وعلى نمو رأس المال البشري.
واكد حمدوك أن جائحة كوفيد 19 أثرت في زيادة تلك المخاطر.
ولفت إلى أن ثلث ما يقرب من الثلاثة ملايين هكتار من الماء موجودة من مشاريع الزراعة القومية كمشروع الجزيرة، الرهد، السوكي، طوكر، وهي التي تدخل الزراعة سنوياً نظراً لوجود سلسلة من التحديات الفنية والمؤسسية والمالية.
في الوقت الذي يتمتع فيه السودان بـ 84 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة، إلا أن إنتاجية الزراعة المروية في تضاؤل مستمر.
وكشف حمدوك عن عديد التحديات التي تواجه قطاع المياه مثل الضعف المؤسسي، الضعف في القدرات لتنفيذ سياسات ونظم القطاع، توزيع المسؤوليات بالنسبة لتخطيط وإدارة موارد المياه وخدمات الصرف الصحي المنتشرة عبر أصحاب المصلحة بتفويض محدد من قبل السلطات الاتحادية والولائية والمحلية.
واعتبر أن السودان يقف في مفترق طرق مع وجود الفرصة للتجديد الاقتصادي والاجتماعي وفتح وتعزيز الجهود التنموية عن طريق التعامل مع عدم التوازن في التنمية الذي فرضته النزاعات وانعدام التنمية في عدد من أجزاء الوطن.
فرص عمل
واعلن رئيس الوزراء أن استراتيجية المياه تخلق مليوني فرصة توظيف في قطاع الزراعة، وتسهم في استغلال 1.6 مليون هكتار من الأراضي المروية، وتوفر المياه بسهولة الحصول عليها لكل السودانيين، كما تحسن إدارة موارد المياه للإسهام في التعايش السلمي بين كل من يتنافسون في الحصول على المياه.
بالإضافة إلى تحسن البنية التحتية للمياه حيث أن هذه الاستراتيجية ستقود إلى إصلاح القطاع وعلاج الضعف الفني والمؤسسي.
كما توفر الخطة إطارا للتخطيط القطاعي بالتدخلات العاجلة لحشد كل الموارد بالتنسيق مع أصحاب المصلحة.
أيضا تمثل الاستراتيجية خارطة طريق لرؤية موحد لإدارة وتطوير طرق المياه.
وقال: نعتقد من المهم أن نتعاون مع الجيران ونحن نقوم بالعمل على توفير وتأمين موارد المياه لأجيالنا القادمة، قبل ان بزجي الشكر للدعم السخي من حكومة هولندا ويونيسيف والبنك الدولي.
تحت خط الفقر المائي
وقالت وزارة الري والموارد المائية، إن السودان يصنف ضمن الدول التي تقع تحت خط الفقر المائي، حيث يبلغ نصيب الفرد من المياه 750 متر مكعب سنوياً وهو أقل من النصيب المحدد والبالغ 1000 متر مكعب في السنة حسب تصنيف الأمم المتحدة.
وأشارت إحصاءات الوزارة إلى أن جملة المياه المتاحة تبلغ نحو 30 مليار متر مكعب سنوياً، من حصة السودان البالغة 18.5 مليار متر مكعب، منها 4 الى 5 مليار متر مكعب مياه جوفية، وما بين 5 الى 6 مليار متر مكعب من الاودية والخيران المتاحة فى موسم الخريف، ما يعني ان حصة الفرد السنوية من المياه 750 متر مكعب من جملة تعداد السكان البالغ 40 مليون نسمة.
هذا بخلاف الثروة الحيوانية والزراعية والتى تظل شريك أصيل فى مشارب المياه واشارت الوزارة الى ان التنصنيف يعد صادما، لما يتميز به السودان من موارد مائية متمثلة في الانهار الامطار والمياه الجوفية وهو ما رسخ فى الأذها أن البلاد غنية بمواردها المائية ولكن فى حقيقة الامر إن السودان فقير مائياً.
وحذرت الوزارة من أن يؤدي ارتفاع عدد السكان إلى مفاقمة الازمة مما يتطلب الحاجة لوضع استراتجية تسهم فى استغلال الموارد لعشرة أعوام لتحفظ للأجيال القادمة حقوقهم من المياه وفق المتغيرات المناخية التى اثرت على الموارد المائية.
خطط الري ومياه الشرب
تضمنت الاستراتيجية التي شارك فيها مجموعة من الخبراء والاكادميون والشركاء الدوليين، خطط لقطاعات (الرى، مياه الشرب، والموارد المائية)، حيث خلصت الجهود إلى ضرورة تحليل المعلومات عن كمية الموارد ووضع جدولة ومواصفات لاستغلالها، مع استنباط كل الاستراتجيات السابقة وتحليلها وتلخيصها فى استراتيجية تضمن حق كل فرد من مياه الشرب فى الريف أو الحضر.
ونادت بالتخطيط التنموي فى مجال الري وتصنيفه وتحليله ليكون راس الرمح فى التنمية القومية وبالتالي يمكن للسودان أن يدير موارده المائية بعلمية ومنهجية.
التزام صارم
بدوره قال وزير الري والموارد المائية ياسر عباس: “عملنا مع شركائنا متضامنين من أجل انجاز هذا العمل لهذا القطاع الحساس وإنجازه بالسرعة التي يتطلبها حيث أنه كان مهملا طوال ثلاثة عقود من الزمان.
معتبراً بأن الاستفادة القصوى من قطاع المياه تعتبر تحدياً كبيراً ولكنه في ذات الوقت صراع يتحتم أن خوضه والانتصار فيه من خلال الرؤية السليمة والتخطيط والالتزامات المشتركة لتحقيق اربعة اهداف ابرزها القضاء على الجوع والفقر، وتعزيز الأمن الغذائي ومستوى المعيشة، بجانب خلق فرص وظيفية تحفظ كرامة الإنسان خاصة بالنسبة للشباب في الريف والمرأة، أضافة لتحقيق السلام والطمأنينة.
وأشار عباس الى ان وزارته انتقلت بالاستراتيجية من مرحلة الرؤية إلى مرحلة العهد العقدي (2021 – 2031) من خلال خطط تحويلية تمثلت في الخطة القومية لتحويل الري وهي تحدد أولويات قطاع الري في عشر سنوات وتوفر إطاراً مشتركا لجميع تدخلات إدارة المياه وتنميتها، الحزمة التحويلية للخطة الوطنية لتحويل الري، الخطة القومية لتحويل إمداد المياه.
مؤكداً أن الاستراتيجية تهدف لايجاد فرص وظيفية لحوالي 2 مليون شخص خاصة فئة الشباب والنساء، وتوفير الحياة الكريمة لسبعة ملايين سوداني يعملون في الزراعة والرعي.
وشدد عباس على التزام وزارته التزاماً صارماً بتنفيذ هذه الاستراتيجية لخدمة الشعب السوداني.
ووصف الاستراتجية بانها قاطرة قطاع المياه في السودان.
وأشار عباس إلى ان حوالي 20 إلى 30% من هذه الانجازات تعتبر حجر الزاوية بنهاية الفترة الانتقالية في 2023.
وقطع بأن وزارته تعمل مع شركائها على الاستجابة لاحتياجات المواطنين وتقوم بتصميم السياسات المناسبة للتمكين من الاستثمار في مؤسسات الأشخاص والبنية التحتية وحشد كل الطاقات كقيمة مضافة لتقديم خدمة تفيد الجميع.
موضحاً أن هذه الخطة هي جهد مشاورات مكثفة مع مؤسسات الشركاء واستماع للمقترحات الداخلية والخارجية حيث استمر العمل خلال الفترة من مايو إلى ديسمبر 2020، وهو جهد أثمر عن خروج هذه الاستراتيجية إلى حيز الوجود.