بثمارهم تعرفونهم
خالد فضل
شاهدتُ جزءاً من مظاهرات ما سُمّي بقوى الميثاق الوطني ظهر اليوم في الخرطوم، ثم تابعت على شاشة تلفزيون السودان غرفة المتابعة الجيّدة التي قادها الأستاذ حاتم مختار، قبلاً كنت قد تابعت بيان السيد رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك.
وما بين ما يطرحه رئيس الوزراء، وما تفضل به بعض منسوبي قوى الميثاق المزعوم بون شاسع يؤكد فعلاً ما قال به رئيس الوزراء حول تعذّر التوافق على مشروع وطني جديد يبني الوطن على حقائقه.
لقد أفاض الزميلان ماهر أبو الجوخ ومحمد عبد العزيز في تحليل الموقف بصورة جليّة لا لبس فيها ولا غموض، وهما يتفقان مع رئيس الوزراء ومع الرأي السائد لدى معظم قوى الثورة، بأنّ الصراع الراهن بين معسكرين، معسكر الانتقال الديمقراطي؛ ويضم عسكريين يعون تماماً ويفهمون ويحترمون شرف جنديتهم، هؤلاء يمكن وصفهم باطمئنان بأنّهم حماة الوطن، ويتسع هذا المعسكر لملايين السودانيين المدنيين، أولئك الذين ذاقوا الأمرين، وعاشوا أعمارهم كلها في المآسي بسبب الأنظمة الانقلابية العسكرية الديكتاتورية، فيما المعسكر المعادي للانتقال يضم كذلك؛ بجانب العسكريين الانقلابيين، بعض شراذم المدنيين اسماً، الانقلابيين روحاً وفعلاً، وعندما سئل السيد المسيح عن الأنبياء الكذبة كيف نعرفهم قال عليه السلام (بثمارهم تعرفونهم)!!!
من الذين استضافهم برنامج غرفة المتابعة ظهيرة مظاهرات الخرطوم، الأستاذ عبد العزيز نور عشر المحامي والسياسي المعروف من أيام الحركة الإسلامية إلى حركة العدل والمساواة، على المستوى الشخصي يكن صاحب هذا القلم تقديراً عالياً للسيد عشر في شخصه، وأقدر معاناته الطويلة من ظلم ذوي قرباه السياسيين والفكريين، أولئك الذين جانبوا كل القيم الأخلاقية في الأديان والفطرة الإنسانية السوية، لدرجة منعهم تقديم العزاء في إغتيال الشهيد د. خليل إبراهيم القائد السابق لحركة العدل والمساواة، والقيادي الأسبق في الحركة الإسلامية السودانية التي حكمت السودان لثلاثين عاماً!!
تقديري الشخصي للسيد عشر محفوظ، أما إفاداته في البرنامج فقد كانت مزيجاً من المغالطات، وهذا هو محل انتقادي، والسبب الذي يجعلني أركز على حديثه هو ادّعاء السيد عشر بأبوة الثورة السودانية، ووضع حركته لمعيار الثورية طارحاً أرقام خمسة الآف شهيد وخمسمائة أسير ومفقود، وسجن لعشرات السنوات، ثمّ أنّ حركته يحفظها الله ويرعاها، لديها مكاتب في كل محلية في السودان، ورئيسها الحالي هو من صاغ المسودة النهائية لإعلان قوى الحرية والتغيير إبان اشتعال مواكب الثوار بقيادة تجمع المهنيين السودانيين وبتوقيت جداوله الراتبة، وبعظمة شباب الثورة ولجان المقاومة وكنداكات بلادنا من حرائر المدن وبعض الريفيات!! في تلك الأوقات صاغ د. جبريل الإعلان في نسخته الأخيرة؛ لذلك تمتلك حركته العدل والمساواة حق السيطرة على بوصلة الثورة وتوجيهها كيفما تريد، فهي- والحديث لعشر- من يحدد أوزان الأحزاب السياسية في الحرية والتغيير، فالأحزاب التي لم تفز بمقعد واحد في أي انتخابات جرت في السودان لا يحق لها تولي مناصب وزارية وحكام ولايات في الفترة الانتقالية، وهي من الأحزاب الأربعة التي اختطفت الثورة والحرية والتغيير- على حد زعمه، والمرء يسأل ببراءة إن كان الدكتور المناضل عشر في باله (الجبهة الإسلامية القومية) التي حازت بالفعل على أكثر من (50) مقعداً في انتخابات الجمعية التأسيسية 1986م، وحازت فيما بعد على كل مقاعد (المجلس الوطني) لمدة (30) سنة ماضية، في عهد حكمها للسودان عن طريق الانقلاب؟ أم أنّه يعني حركته التي لم تدخل أساساً ومنذ تأسيسها في انتخابات حتى نعرف عدد مقاعدها، ولأنّ الثمار تنبئ- كما في قول السيد المسيح- لم يمضِ الحوار قليلاً حتى أفصح عشر عن الحقيقة، فهو عدو لدود للجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989م وهو ضد إزالة التمكين؛ لأن هولاء الموظفين السودانيين من حقهم الأساسي العمل في بلدهم!!.
هكذا بضربة (إصلاح واحدة) يفصح قيادي بارز في ميثاق الحرية والتغيير عن الهدف وراء حشد أطفال الخلاوي، وتأليب بعض أئمة المساجد في خطب الجمعة أمس (لتبشير الفلول بأن عهد الفجرة الكفرة من القحاتة قد ولىّ)، يمضي القانوني عشر ليفتي بعدم دستورية عمل لجنة إزالة التمكين، ومع ذلك فهو وحركته ومن يهتفون (يا البرهان ذييع البيان) في صف النضال، والتحول الديمقراطي، وتوسيع المشاركة في السلطة لكل حزب أو فرد عدا المؤتمر الوطني، بالله عليك يا دكتور، ما الذي يمنع غندور وبتاع لحس الكوع، طالما هم كذلك مواطنون سودانيون صالحون لأداء أقذر الأدوار في تاريخ بلادنا، ضد شعبهم ووطنهم، وتقول لي ميثاق وإصلاح!!.
عندما خرج وزير الدولة للإعلام في أواخر عهد المخلوع البشير، عند منتصف الليل ليذيع على الشعب الكشف المخابراتي الخطير، والإنجاز الأمني غير المسبوق، بظهور بعض شباب من دارفور قيل إنّهم عناصر خلية إرهابية تتبع لعبد الواحد محمد النور، تخطط لتفجير المواكب السلمية، يومها كان الرد يا عشر حاضراً في الشوارع ظهراً بتوقيت الواحدة، يا العسكري ومغرور كل البلد دارفور!!
هل يا ترى يتذكر السيد المستشار السياسي لوزير المالية في حكومة حمدوك، ذلك الهتاف، وبعض مؤيديه في مظاهراته يدعون لإذاعة البرهان للبيان؟!
لا تعجب فأنت في بلد التوم هجو. وجملة الذين عناهم السيد المسيح!!!
اتفق معك علي مبدا التحول الديموقراطي واننا لن نرضي بديل عنه لكن هؤلاء الذين يحكموننا ايوم فاشلون وثمارهم واضحة للعيان فلا بد من ذهابهم غير ماسوف عليهم.