عن موكب ذوي الإعاقة
مأمون التلب
قرأت هذا الصباح دعوة مقدّمة من الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي جملة، بينما أكتبها، تدعو للاحترام والتقدير والانحناء حقيقةً.
نتعلَّم من ثورة ديسمبر المستمرّة، رغم أنف العالم، دروساً في الإنسانيَّة من جذورها، نتعلَّم ما الذي تعنيه كلمة “جنّة” وما هو “الجحيم”. كلاسيكيّات المبادئ السامية للحياة، وما الذي تعنيه التضحية والشهادة والنضال من أجل الحق الأساسي في الحياة. نتعلَّم منها أن الثورة يجب أن تكون عالميَّة؛ ليس من جدوى أن تكون الثورة سودانيَّة، عليها أن تمتدَّ إلى مداها، وتُلهم العالم. إن لم تُدرك القوى الوحيدة المُجابهة للعالم، لجان المقاومة المعبودة، أنها جزءٌ من ثورةٍ عالميَّة، وأنها رأس الرمح في تجذير أخدودها العظيم، فلن تُحدث تغيير واقعها. إنها مقاومة الإنسان الأخير.
فهي، إضافةً لماقومتها لصلف السلاح وغطرسته، تذكّر الكون، أو يذكّرها هو، بما تعنيه القوّة الكامنة في الفكر الإنساني، في النقصان، والإعاقة الشاملة. إن الطريق طويل لإحداث هذا الشرخ العالمي وتحطيم مؤسساته، ولن يصدّق أحدٌ، يوماً، أن العالم انهار عندما سينهار. عندما سيتعب من كلّ آلامه الهائلة.
تحدث الروائي ميلان كونديرا يوماً عن انهيار الاتحاد السوفيتي، وكيف أنه هبط على الجميع كمعجزة، كأنه لم يحدث، واستغرق الناس زمناً طويلاً لإدراك أنه، فعلاً، انهار. أعتقد أننا نواجه عصراً مشابهاً، ولسوف تكون ثورة السودان شرخاً في الخريطة، وداعية لأن نحلم بعالمٍ جديد، دمويّ بالتأكيد، ولكنه مُجتزأ.
جاء في دعوة الموكب: “أعلن تجمع الأشخاص ذوي الإعاقة عن تسيير موكب ثوري لرفض الانقلاب العسكري في السودان بقيادة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان. ودعا الأشخاص ذوي الإعاقة الثوار لمشاركتهم في الموكب المعلن الخميس المُقبل الموافق الخميس ٩ ديسمبر ٢٠٢١م بتوقيت الثورة في تمام الواحدة ظهراً، وأوضحوا أن نقطة تجمع الموكب حُدَّد لها المجلس الأعلى لذوي الإعاقة جنوبًا لتقاطع المك نمر مع البلدية بوسط العاصمة الخرطوم”.
علينا أن نتذكر وليد النقر في هذا اليوم، إذ هو الفاعل في هذا الحقل، المحارب للموت، والداعي للحياة.
تجمع الأشخاص ذوي الإعاقة يُعلن عن موكب ثوري لرفض إنقلاب البرهان حمدوك