الشارع: جسارة أصحاب القضية
خالد فضل
صديقي الناشط السياسي والثائر الذي لا يهدأ، ظلّ يطمئنني عند كل موكب: (يا صديق الشارع هو سيد الموقف، كلما يصيبك الاحباط يأتيك اليقين). وكلما استمعت إلى خطب أئمة الباطل علمت أن طريقك صحيح. وهو كذلك بالفعل، انظر إلى هولاء الشابات والشباب والصبيات والصبيان، بمتوسط أعمار 26 سنة إذا جمعنا عمر أكبرهم 40 وأصغرهم 12سنة، غالبيتهم تقع في هذه الأعمار، دون أن نقمط حق الأكبر سناً والأصغر؛ هؤلاء أيضاً حضور في الشارع بصورة أو أخرى.
تأمل في الشهداء وأحوال حياتهم القصيرة، تجدهم كلهم/ ن من الناشطين/ ات/ الإجتماعيين، لا تفارق الإبتسامة شفاههم/ ن وفي ذلك دلالة طمأنينة النفس ونقاء الروح وشفافيتها.
إقرأ ما يسطره عنهم رفاقهم، تعرف من همو، إسأل عنهم/ ن الجيران والزملاء ومعارفهم تجد الإجابة الحاسمة بأنهم/ ن من أخيار من مشوا على ظهر البسيطة وأطهرهم جناباً، توقف لبرهة مع نفسك واسأل سؤال البداهة، ما مطلب هولاء؟ ستجد الإجابة عندهم حاضرة: نطلب الكرامة لنا ولشعبنا، نطلب وطننا المعروض في مزادات الارتهان ليعود لنا من حضيض المذلة إلى حقيقة كونه وطن يليق بشعب عزيز كريم، نطلب الحرية والسلام والعدالة والدولة المدنية الخالصة، فهل تراهم يطلبون باطلاً!!.
وهل يسأل دعاة الباطل وأئمة السحت أنفسهم بضعة أسئلة قبيل صعودهم الآثم إلى منصات الخطابة في المساجد، أو أؤلئك المحرضين الأمنيين الذين يظهرون على شاشات الفضائيات وتحتهم (كابشن) محلل أمني واستراتيجي، وبعض إعلاميين؛ يظهرون كذلك وكأنّهم قد (نقّطوا الواو) كما نقول في شأن الأدعياء، هولاء وأؤلئك يجافون الحقيقة عمداً، يتماهون مع غبائن تنز بها أحاديثهم تارة، وتارات أخر تدفعهم رغائبهم الدنيئة في امتياز عند سلطان القتل والجور والباطل، ولا أذكر نموذجاً فهم ولله الحمد ليسوا بكثر بل أفراد معدودون يعرفهم كل صاحب ضمير يقظ!!.
غالبية السودانيات/ نيين قلوبهم مع الثوار، أفئدتهم تهفو للشارع، نبضاتهم وخلجاتهم تناصر الحق المبذول في المطالب العادلة الصريحة الواضحة، لا لحكم العسكر، لا للمرتزقة والخونة، لا للقتل والتعذيب وانتهاك أبسط حقوق الإنسان، لا للظلم نعم للعدالة، لا للحرب نعم للسلام، لا للقهر نعم للحرية!! وأنعم بها من مطالب يا صاح.
الشارع هو سيد نفسه، لجان المقاومة فعل ثوري طوعي، ليست منتخبة من أحد، كما لم يعينها سلطان بفرمان، لم تؤدِ القسم أمام حاكم أو معارض بل أدت فروض الولاء للوطن شاملاً كاملاً، ولإنسان الوطن حرّاً كريماً مصان الجانب، فقل لي يا صاح أي عيب في التظاهر ومناصرة الحق، أي خطأ يرتكبه الشباب إن همو نهضوا لبناء مستقبل بلادهم بعيداً عن تحنيط المحنطين؟ هل العيب في أنّهم شادوا المتاريس من (الإنترلوك) أو سدّوا الطريق بمواسير وزوايا لافتة إعلان؟ أهذه جريرتهم التي يدخلون بها النار كما في زعم أحد أئمة الباطل!! أيدخل الثائر جهنّم لأنّه شاد ترساً من انترلوك الشوارع!! أهذا مسوغ قتلهم بالرصاص يا شيخ، أعند هذا وأمثاله قيمة الأسمنت والخرصانة السمسمية أعلى من قيمة (روح) شاب أو شابة، خسئ الكيل وخسئ الأراجيز الدعاة العراة من كل فضيلة وأخلاق.
الشارع سيد نفسو لا يزعمن أحد أنّه يمتلكه، من يتوافق برنامجه ومطالبه مع الشارع فهو حليف، ومن يدعو بشنار فهو عدو مبين، تمايزت الصفوف ولم تعد هناك منطقة مراوغة، إمّا مع مطالب الحق أو في صف نصرة الباطل والقتل والانقلاب والإرهاب (لتأكل في موائد الطاغية كباب أو (موز))، لذلك يقاتل هؤلاء الثوار بجسارة يسقط جسد الشهيد والشهيدة لترتقي أرواحهم في برزخ الأبدية وهم راضون مبتسمون يهتفون حتى آخر الأنفاس، فأي جسارة هذه إن لم تك وراء الثائر/ ة قضية، كل المدن تنتفض، كل الولايات حضور في مشهد الحق المبين، هل كل هؤلاء (مجرد شيوعيين مطلوقات مهلوسين)، إذاً مرحبا بالشيوعية والإنطلاقة والهلوسة إن كانت هي دوافع هؤلاء الأطهار الأخيار الشهداء/ ات منهم والأحياء، ولا نامت أعين الجبناء.