الشرطة السودانية تصدر بيانين متناقضين حول مقتل أحد ضباطها وتهدد بالردع
أعلنت الشرطة السودانية ليل الثلاثاء، في بيانين تناقضت معلوماتهما بشأن أتهامها لمتظاهرين بقتل أحد ضباطها في مليونية 13 يناير، وأدعت أنهم سجلوا اعترافاً قضائياً، في وقت أكد فيه ممثلو الدفاع عن المتهمين تعرض موكليهم للتعذيب لإجبارهم للإدلاء باعترافات.
الخرطوم ــــ التغيير
و أكدت الشرطة، أنها “لن تتهاون” في استخدام سلطاتها القانونية في ردع وحسم “كافة مظاهر التفلتات” وما وصفتها بالسلوكيات السالبة التي تضر بالبلاد.
ومنذ الانقلاب العسكري في الخماس والعشرين من أكتوبر الماضي، وثقت فيديوهات، تعرض المتظاهرين السلميين للقتل بواسطة قوات الشرطة دون أن تكشف عن أي متهم.
وقتل 76 متظاهراً سلمياً في وضح النهار منذ 25 أكتوبر الماضي، وأصيب أكثر من ألفي شخص، إما بالرصاص الحي، أو عبوات الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية التي تطلقها قوات الشرطة.
وفي مليونية 17 نوفمبر، التي قتل فيها 13 متظاهراً سلمياً بالخرطوم بحري، وثقت الكاميرات، قنص قوات الشرطة للمتظاهرين بالرصاص الحي.
كما اقتحمت الشرطة مستشفيات بمدن البلاد المختلفة، وارتكبت انتهاكات عديدة بينها تسجيل عمليات اغتصاب في مليونية 19 ديسمبر.
سحب البيان
وحسب بيان للشرطة، أصدرته ليل الثلاثاء، وقامت بسحبه لاحقاً، إنه بتاريخ 13/يناير /2022، تعرض، العميد علي محمد بريمة، لـ (طعنة غادرة) من أحد المتظاهرين في ساعده الأيسر بسكين كانت بحوزته.
لكن تغيرت رواية الشرطة في بيان لاحق، وقالت، أثناء مرور بريمة على القوات العاملة بالارتكازات بمنطقة وسط الخرطوم في تأمين المواقع الاستراتيجية والسيادية، وعند وصوله لشارع القصر جوار معمل استاك، تزامن ذلك مع عمليات كر وفر بين القوات والمتظاهرين، نزل من دوريته ولبس خوذة الرأس وخاطب المتظاهرين بعبارة “سلمية سلمية” ثم تعرض لطعنات قاتلة بسكين (في ساعد اليد اليسرى وأخرى نافذة بالظهر)، تسببت في نزيف حاد أدى لوفاته أثناء إسعافه للمستشفى.
وكان قد أشار البيان الذي تم سحبه، إلى أن متهماً آخر طعن بريمة في الجانب الأيسر من ظهره بسكين تخصه، ما تسبب في مقتله، ولم تفلح محاولة إسعافه للمستشفى.
تصريحات متناقضة
وعشية الحادثة، قال مدير دائرة الإعلام والعلاقات العامة بالشرطة، العميد حسن التجاني، إن بريمة قضى على يد مجموعة متفلتة ومحترفة، طعناً، بالقرب من (معمل استاك) لحظة إسعافه لأحد جنوده المصابين.
وحدد البيان، توقيت “مقتل” بريمة، بالتزامن مع خروج المتظاهرين في مليونية معلنة، جوار معمل استاك بوسط الخرطوم، قبل أن يشير إلى تعرض أحد أفراد الشرطة الآخرين لطعن بموقع الحادث. وفي البيان الثاني، قالت إن الحادثة وقعت أثناء عمليات كر وفر بين المتظاهرين وقوات الشرطة.
وحسب البيان المسحوب، شكلت رئاسة قوات الشرطة، ورئاسة شرطة ولاية الخرطوم، عقب ذلك فريقاً من الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية، وبإسناد من “الإدارات المختصة” لكشف أسباب الحادث، وتوضيح “الحقائق الغائبة” للرأي العام.
ووفقاً للبيان، تمكنت القوات من ملاحقت المتهمين والوصول إلى مخبئهم، مشيراً إلى أنه عقب القبض على عدد من المشتبه بهم وإخضاعهم للتحري اعترفوا بارتكاب الجريمة.
طابور شخصية
أما البيان الثاني، ذكر أنه عقب القبض على عدد من المشتبه بهم وإخضاعهم للتحري، اعترف المتهمون بارتكاب الجريمة وبتفتيش موقع مخبئهم تم العثور على مبالغ مالية من العملة الأجنبية (دولار)، ومعدات عسكرية (خوذات رأس- أقنعة وغاز مسيل للدموع – سكاكين ومتعلقات شخصية بها اثار دماء).
وأكد البيان المسحوب، إجراء “طابور شخصية” للمشتبه بهم، لافتاً إلى تعرف شهود الاتهام على المتهمين “في كل مراحل طابور الشخصية”.
وحسب البيان، قدم الشهود “وصفا دقيقا” للمتهمين والملابس التي كانوا يرتدونها والأدوات التي كانت بحوزتهم وقت إرتكاب الجريمة.
وتابع البيان: “تم عقد مواجهة بين المتهمين وأكدوا على معرفتهم ببعضهم البعض وأن سكنهم بالخرطوم، بغرض المشاركة في جداول التظاهرات والمواكب المعلنة بمرافقة آخرين”.
وأكمل البيان “اعترفوا بطعن المجني عليه وأرشدوا على أدوات الجريمة وتم تحريزها كمعروضات”.
أيضاً أقروا وفقاً للبيان، بتعاملهم مع “دكتورة” أشير لها بحرف “الزاي”، بكونها كانت تعمل على دعمهم مادياً، عبر تبرعات تقوم باستلامها من الخارج.
ولفت البيان، إلى اتخاذ كافة الإجراءات الفنية اللازمة، و”تمثيل الجريمة” بواسطة المتهمين وبحضور الأجهزة المختصة في مسرح الحادث، كما تم تسجيل اعتراف قضائي للمتهمين.
وشدد البيان، على أن الشرطة قادرة على فرض “هيبة الدولة” وسيادة حكم القانون، وأنها “لن تتهاون” في استخدام سلطاتها القانونية في ردع وحسم كافة مظاهر التفلتات والسلوكيات السالبة التي تضر كثيراً.
كما أشار البيان، إلى أن الشرطة ستمضي قدما في التحري والكشف عن “كل الجرائم” التي صاحبت الحراك عبر اللجان المشكلة من النائب العام في بلاغات القتل والأذى الجسيم التي وقعت على المتظاهرين والقوات النظامية. بالإضافة للتلف العام على المرافق الحكومية الاتحادية والولائية والطرقات، والتلف الخاص على المواطنين وبلاغات النهب والسرقة والكشف عن الجناة والمخططين وتقديمهم للعدالة.