يا فخر هذا الجيل
خالد فضل
بات في حكم المسلمات الوطنية في هذا الأوان أنّ جيلا جديدا قد ولد في البلاد ، جيل من حقه أن نطلق عليه ذاك المدح النبيل الذي ترنّم به الراحل محمد وردي ( يا فخر هذا الجيل …. إلخ ) ، في الواقع هذا جيل نشأ في ظروف غاية في التعقيد والصعوبة ، ليس في وارد ذكرياته التغني بأمجاد السكة الحديد أو مشروع الجزيرة، مثلما لم يمتلئ زهوا بكونه خريج أم نخيل ذات السفرة المفتوحة منذ الثامنة صباحا قبلة للطاعمين بما لذّ وطاب ، كما لم يعرفوا لغة الإسكيلات وتراتبية الخدمة المدنية الدقيقة ،بل لم يشاهد جيمس بوند أو الفس بريسلي ، وإن عاش في الفيس بوك وأقتات على الإنترنيت ، جيل لم يترنح طرباً وثملاً في حفلات الجاز ،ولم يغازل الحبيبة برمي المنديل أو اللبسة الحمراء ( عشانك يا ود يا إشتراكي!!)
هذا جيل نشأ تحت وقع سنابك تتار الجبهة الإسلامية أوان نعيقها الممجوج بـ ( المشروع الحضاري ) ، وهي لله ،والإسلام قبل القوت ، نشأ جيل وترعرع وأدبيات الفضاء العام مسمومة بالقتل والموت والدمار وكلو من أمريكا والعملاء ! ومع ذلك نجا ، بنيات كلهن صرن جميلات وذوات لون فاتح بفضل الكريمات والمستحضرات، لكنهن والحديث هنا عن الناشطات الفاعلات الثائرات الكنداكات منهن ، معظمهن خريجات شاطرات ، وعاملات مهنيات بارعات ، شققن الوحل طلبا لكسب المعيشة والرزق الحلال ، لم ينجرفن وراء رشاوي اتحاد المرأة ومصدر وعيهن وعين بصيرتهن الإتحاد النسائي ،لم ينسقن كالقطيع وراء فتاوي القرون الوسطى ، وقرن في بيوتهن ، بل كن وما زلن صنوا لزملائهن يتقاسمن معهم فخر هذا الجيل بإقتدار ، بكسبهن المشروع في النضال , بنات عز ، وسليلات أسر كريمة درجن في الفضيلة ولم يعاقرن الرزائل .
هذا جيل عناه محجوب شريف وتمناه وترنّم له بالحداء الجميل العميق ، جيلاً جاي حلو الشهد ، صبايا وفتية امرحوا في صباح الغد لطاف وظراف, سؤالم رد ،وثابين أوان الجد دفاعا عن حياض السلم والإفصاح، هم هولاء الذين نشاهدهم يومياً في طرقات مدن بلادهم ، يمهرون الأرض بغالي الدم ونفيس الروح ونبيل المبدأ والقيم ، هم هولاء الذين يودعون الرفيق والرفيقة بالهتاف ، ويقسمون أمام قبره بالقصاص ،ولا مساومة ، ثم ينهضون لبناء بلادهم ودولتهم وسلطتهم فالثورة ثورتهم وكذّاب من له إدعاء ، وكذب المحللون (المحرضون) في الفضائيات وهم يسندون الثورة للعسكر الذين لولا انحيازهم المزعوم لما كانت ديسمبر ، هيهات هيهات أن تنطلي أحابيل سحرة الفرعون على جيل يكلل هامه الوعي ، يتسربل بالجسارة حينما يكون الإختبار ، أو لم تر كيف أنّهم عبروا النيل على القوارب ونطا بالحبال وكسرا في الأرجل والأيادي حينما كان القصر مقصد مليونية 30يونيو 2022م ، عندما سدت عليهم الحاويات الجسور ، هذا يا صاح جيل ( غير نصيح) نعم غير نصيح بمقياس الزمن الذهبي وأساطير الماضي التليد ، لكنه في الحقيقة هو الجيل الأنصح في تاريخ السودان ، وحق له الفخر بأنّه الجيل المؤسس لسودان بكرة وطنا يهز ويرز منو الضلمة تفز وليرحم الله محجوب الشريف .
أمّا الساديون أولئك المرضى النفسانيين ، الذين يتلذذون بعذابات الآخرين فإنّ مكانهم الطبعي هو مصحات العلاج والتأهيل النفسي، وليس سدة الحكم ومواقع المسؤولية ، نعم هذا جيل نصيح ، صبايا وفتية وشباب غر ميامين ، يمموا وجوهم شطر وطنهم ، غنوا له ورقصوا ، تسربلوا بعلم بلادهم لا يبغون غيره راية تظللهم، يقاومون لا يساومون ، مقصدهم دولة مدنية كاملة يتسيدها أهل القدرة والكفاءة ، وقبل هذا أصحاب السواء الإنساني وليس المرضى ( شفاهم الله) ، جيل حدد منذ البداية أنه قرر وضع حد للمهزلة فتراه لا يرعوي في تقديم الفداء ، وهم عزّل إلا من يقين أصحاب الحق بأنّ الحق أبلج والباطل لجلج ، لن ينفع الباطل طلقات الرصاص على الصدور المؤمنة بحقها ، ولن يحميه تكالب السياط ووسائل التعذيب طارفها وتليدها ، لن يلجم السيل معتقلات وزنازين ، هذا أوان التسليم بعظمة هذا الجيل بفخره وعناده وركوب الراس ، وهيهات أن يعود المارد عندما ينطلق إلى قمقمه هيهات .
المجد والخلود للشهداء الأخيار ، العافية للمصابين ، والعودة للمفقودين ، والحرية للمعتقلات والمعتقلين ، الشمس إن غابت ستشرق لا محالة غدا ستشرق ستشرق.