أخبارتقارير وتحقيقات

 محادثات جنيف:غياب القوى المدنية وتحديات التفاوض

انحصرت الدعوة لحضور محادثات جنيف على الطرفين المتقاتلين، مع أن الجيش لم يعلن موقفه النهائي من قبول الدعوة حتى كتابة هذا التقرير..

الخرطوم: التغيير

من المقرر أن تحتضن العاصمة السويسرية «جنيف»، منتصف أغسطس المقبل، جولة جديدة من المحادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع برعاية المملكة العربية السعودية، لوضع حد للحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل الماضي.

ووزع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء المنصرم، رقاع الدعوة إلى طرفي الحرب، من أجل إجراء محادثات وقف إطلاق نار، برعاية المملكة العربية السعودية، بينما ستتولى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والقاهرة وأبوظبي صفة المراقبين.

 من يشارك؟

لم تشر الخارجية الأمريكية إلى مشاركة القوى المدنية في المفاوضات، بل انحصرت الدعوة على الطرفين المتقاتلين، مع أن الجيش لم يعلن موقفه النهائي من قبول الدعوة حتى الآن، بالمقابل، يسعى المدنيون مثل تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» التي تعتبر أكبر تحالف مدني، إلى الانخراط في جهود إيقاف الحرب، ومعالجة معاناة السودانيين، واستعادة الحكم المدني، وتحقيق التحول الديمقراطي.

سبق دعوة جنيف تحركات دبلوماسية تجاه السودان، مما يشير إلى رغبة دولية في تقليل التصعيد العسكري في المنطقة. ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن تداعيات غياب المدنيين، التي قد تؤدي إلى عسكرة المشهد السياسي. فماذا تتوقع القوى الديمقراطية المدنية ممثلة في “تقدم” من المباحثات المرتقبة، هل يتوقعون إشراكهم فيها ولو بصفة مراقبين؟، أم أن العملية ستكون ثنائية كما في الاتفاقيات السابقة، مما قد يعيد الجيش والدعم السريع إلى التحكم في المشهد؟

الطرفان المتحاربان فقط

القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية  «تقدم»، محمد عصمت يحيى، أوضح أن اجتماع جنيف سيشمل الطرفين المتحاربين فقط، وسيركز على وقف العدائيات وتأمين المساعدات، دون توقع مشاركة أطراف أخرى. وتمنى عصمت أن يتفق الطرفان على إبعاد العسكر عن العملية السياسية والاقتصادية لتحقيق التحول المدني الديمقراطي.

محمد عصمت:اجتماع جنيف سيشمل الطرفين المتحاربين فقط، وسيركز على وقف العدائيات وتأمين المساعدات

وعبر عصمت في حديثه لـ«التغيير»  عن تطلع السودانيين لجولة تفاوضية بين طرفي النزاع، والتي دعت إليها وزارة الخارجية الأمريكية في جنيف في منتصف أغسطس المقبل.

رئيس الحزل الاتحادي الموحد محمد عصمت يحيى

وذكر أن هناك أملًا في أن يعود الطرفان إلى رشدهم لإنهاء الحرب التي خلقت أزمة كارثية لم تشهدها الحروب الحديثة.

وأشار عصمت إلى أن اهتمام واشنطون بالملف السوداني لم يكن مفاجئًا، موضحًا أن الولايات المتحدة، رغم انشغالها بالانتخابات القادمة، دعت الطرفين للاتفاق على وقف العدائيات وتأمين وصول المساعدات الإنسانية كأولوية لتجنب الكارثة غير المسبوقة.

“القوات المسلحة والدعم السريع تورطتا في حرب تسببت في خسائر كبيرة للسودانيين على مستوى الأرواح والممتلكات، إضافة إلى تدمير البنية التحتية في المدن التي شهدت اشتباكات. لذلك، لن يسمح الشعب السوداني لهما بإدارة شؤون البلاد” كما ذكر القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، صالح عمار، في مقابلته مع «التغيير».

تقدم ترحب

وقال إن التحالف يرحب بمباحثات سويسرا التي دعت إليها الخارجية الأمريكية. وأعرب عن أمله في أن تسهم المباحثات في تحقيق السلام في السودان، وأن تواصل “تقدم” اتصالاتها مع جميع الوسطاء ومع طرفي النزاع من أجل إيقاف القتال.

 صالح عمار :إيقاف الحرب وتحقيق السلام يتطلب مسارين رئيسيين: الأول هو وقف القتال، والثاني هو العملية السياسية

واعتبر أن إيقاف الحرب وتحقيق السلام يتطلب مسارين رئيسيين: الأول هو وقف القتال، والثاني هو العملية السياسية، وأشار عمار إلى أن “تقدم” تشجع وتضغط على الطرفين للانخراط بجدية في المباحثات المقبلة، بهدف تحقيق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب.

صالح عمار

وأكد أيضاً أن العملية السياسية تشمل جميع القوى المدنية وقوى ثورة ديسمبر، باستثناء المؤتمر الوطني وواجهاته، وأنها ستكون كذلك بمنأى عن طرفي النزاع.

المحلل السياسي خالد فيصل، يرى، أن القوى المدنية لن تشارك في مباحثات جنيف، لأن الملف المطروح يتعلق بشكل أساسي بإيقاف الحرب وتيسير دخول المساعدات الإنسانية، وهي قضايا لا تعنيها بشكل مباشر حاليا.

وأوضح أن «تقدم» كانت قد بدأت جهودها لإيقاف الحرب قبل نحو عام، ولكنها لم تمتلك أدوات ضغط كافية على طرفي النزاع، كما أن الحركة الإسلامية عملت على شيطنتها باعتبارها حاضنة سياسية لقوات الدعم السريع.

وأشار فيصل إلى أن إيقاف الحرب أصبح ضرورة ملحة؛ لأن الأضرار لن تقتصر على السودان فقط، بل ستطال دول الجوار، وقد تتحول المنطقة إلى ساحة للحركات المتطرفة.

لذلك حسب حديثه لـ«التغيير» فقد بدأ المجتمع الدولي في التعامل مع الأزمة بجدية أكبر لإنهاء النزاع.

نجاح مرهون بالجيش

ورجح فيصل أن تكون مباحثات سويسرا أكثر نجاحًا من المبادرات السابقة، التي فشلت في تحقيق نتائج ملموسة على الأرض. لكنه اشترط نجاح المفاوضات بقبول القوات المسلحة، التي لم تفصح بعد عن موقفها من الدعوة، مع ترجيح أن ترفض الدعوة الأمريكية؛ نظرًا لتأثير كبار الضباط المنتمين للحركة الإسلامية في استمرار القتال.

يذكر أن منبر جدة لم يأت بنتائج ملموسة لإيقاف القتال، حيث كانت آخر جولة في ديسمبر من العام الماضي، وتركزت على الملف الإنساني وبناء الثقة وإنهاء المظاهر العسكرية في العاصمة. ورغم الجهود الكبيرة من الوسطاء الدوليين والإقليميين، لم تنجح تلك المحاولات في جمع الطرفين لإجراء حوار جاد، مما أدى إلى استمرار النزاع لأكثر من عام.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى