أخبارأعمدة ومقالات

عقل البلبوسي والعدالة الثأرية والعدالة الانتقالية

تسابيح بت العابد

عقل البلبوسي والعدالة الثأرية والعدالة الانتقالية

تسابيح  عابدين

الصورة المرفقة ممكن كشخص سوي سليم الفطرة تنفر منها وتشغل عقلك تتساءل عن مشروعيتها أخلاقياً ودينياً وإنسانياً وعسكرياً حتى إذا إنت بلبوسي أو من دعاة استمرار الحرب الأهلية في السودان في إطار المناكفة واختلاف موقفنا من الحرب.

تداولت الأسافير تعريفات كتيرة للشخص البلبوسي واتهامات متبادلة بأقذع العبارات بين مختلفي الرؤية حولها.

لكن في تعريفي الشخصي للبلبوسي وهي كلمة جاءت من إبليس في أقصى مراحل الشيطنة لدعاة استمرارية الحرب، إنه شخص غاضب وحانق بسبب انتهاكات جسيمة تعرض لها أدت لقصور رؤيته للواقع العام للدولة السودانية وحصر الأزمة السودانية في مشكلته الراهنة متناسياً السياق التاريخي لها، وجعل من الأزمة الراهنة القضية الأساسية للدولة وغض الطرف عن الإنتهاكات التي مر بها السودان ما بعد الاستقلال، متجنباً أي رؤية ولو بسيطة يمكن من خلالها إيجاد حل شامل للأزمة السودانية.

تساؤل مشروع؟

هل تعتقد أنك كشخص بلبوسي مغبون على حقد عظيم على الجنجويد أن الطريقة الحالية للمؤسسة العسكرية تشفي صدور قومٍ مؤمنين

هل المؤمن يشفي قلبه بشق البطون وحرق الأحياء وتصوير الأرجل على الجماجم والتصور مع الهياكل العظمية؟

السوال الآخر؟

لماذا البلبوسي يتفاعل بهستيريا مرضية مع الجرائم ضد الجنحويد الطرف الخصم؟

الإجابة

أعتقد بحسب وجهة نظري! أنها تحقيق للعدالة عما تعرض له من انتهاكات في الحرب الأهلية الآنية.

العدالة هي مطلب إنساني فطري وطبيعي نسعي له جميعاً كسودانيين من أول طلقة 1955م إلى ثورة ديسمبر المجيدة.

لكن هل فعلاً هذا النوع المتبع من تحقيق العدالة ممكن يؤدي لتغيرات في السياسة المستقبلية للدولة السودانية، بحيث أنها لا تقع هذه الانتهاكات في مناطق أخرى من السودان؟

هل يحق لضحايا الانتهاكات في أقاليم السودان المختلفة المطالبة بنفس الوسيلة لتنفيذ العدالة وجبر الضرر الذي لحق بهم من قبل الدولة أم تكتفي الدولة بالمصالحات الفوقية والترضيات التي لا تنعكس على المجتمعات السودانية والقواعد، فتصبح هذه المجتمعات بؤرة صالحة لوجود العقل البلبوسي الانتقامي الثأري؟.

في الأيام الأولي للحرب جميعاً شهدنا على بعض صفحات أصدقائنا من إقليم دارفور كلمة (ولا يوم واحد من العشناه)، كلنا كنا مستغربين فيهم واصفينهم بالحقد والشماته والكراهية.

الغريب نفس هؤلاء الأشخاص المعترضين سابقاً على العبارة أعلاها يمسكون الآن بيد العدالة الثأرية التي أثبت بالتجربة أنها لا تأتي بنفع أو تجبر الضرر عن الجرائم الجماعية أو تحقق إصلاح مؤسسي حقيقي وهو المشكلة الأساسية المترتبة عليه كل ما يحدث الآن.

العدالة الانتقالية التي طالبنا بها كسودانيين بعد ثورة ديسمبر لم تأتِ من رغبتنا في التشفي من الخصوم السياسيين أو مجرمي الإبادة الجماعية بحق مجموعات كبيرة من السودانيين.

جاءت من رغبتنا في علاج جراح الماضي بشكل يرضي الجميع وواقعي لذلك لم يشنق القتلة والمغتصبون في الميادين العامة أملاً في دولة المؤسسات والقوانين التي تتوفر فيها إرادة سياسية للإصلاح المؤسسي وجبر الضرر للضحايا وكشف الحقيقة والمحاسبة.

بسبب ذلك تم الانقلاب على ديسمبر وليس  قوى الحرية والتغيير كما يزعم الانقلابيون والنتيجة الصورة المرفقة والحرب الدائرة والانتهاكات المريرة التي نمر بها جميعاً.

فكرة العدالة الانتقالية أنها تعالج الماضي بفتح الجروح والعمل على إيجاد حل واقعي لها، يجب دعمها من جميع السودانيين.

حقاً ديسمبر كانت مجيدة، فكيف لا تتم محاربتها ليعيش الشعب كابوساً يرفض بعده أن يرى الصباح ويظل في سجن الخوف والكراهية!!…..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى