الأشخاص ذوو الإعاقة بالسودان انتهاكات صامته خلال الحرب !
منتدي الاعلام السوداني: غرفة التحرير المشتركة
إعداد وتحرير: صحيفة التغيير – الفاضل ابراهيم
كمبالا:11 يناير2025 – كنت شاهدا على مقتل أحد المعاقين بمنطقة الصحافة الخرطوم، إذ أمره أحد أفراد الدعم السريع بالتوقف لكنه لم يتوقف لأنه كان أصما فاقدا لحاسة السمع فأطلق عليه النار وأرداه قتيلا في الحال! هكذا حكى احد المعاقين تجربته لـ”التغيير” التي حاولت تسليط الضوء على الإشكاليات والعقبات التي تواجه هذه الفئة خلال الحرب.
يقدر عدد الأشخاص المعاقين في السودان بـ”1.4″ مليون شخص معظمهم في ولاية الخرطوم التي تضم “15” مدرسة للصم والبكم والمعاقين تدمرت تماما بحسب افادات تحصلت عليها “التغيير” بجانب دمار جزئي لـ”120″ مركز تأهيل لذوي الاعاقة في الخرطوم والجزيرة.
حوادث على الطريق
محمد التاج أحمد بابكر” كفيف” حكى لـ”التغيير” قصة معاناته مع النزوح من منطقة الكلاكلة في الخرطوم قائلا: في البداية كانت الاشتباكات بعيدة كنا نسمع من بعيد صوت الانفجارات ولكن بعد شهرين اشتدت المعارك واقترب صوت الرصاص قررت الاسرة النزوح لولاية الجزيرة.
كان أفراد الاسرة يتبادلون في توجيهي وقيادتي إلى بر الأمان وصلنا بعد جهد وتعب إلى شرق النيل، كنت اسمع صوت انفجارات الدانات والرصاص وتحليق الطائرات واتخيل انها ستسقط علي! المهم وصلنا إلى العيلفون وقضينا اياما ومنها إلى رفاعة ثم تمبول شرق ولاية الجزيرة .
يقول التاج: أثناء الطريق ومن خلال الحوار كان يتم إيقاف الناس في الارتكازات، تعرض الكثيرون للمذلة والاهانة والضرب ولذلك عندما وصلت لشرق الجزيرة قررت الاعتكاف بالمنزل خوفا من التعرض للانتهاكات.
ولكن كانت هنالك أشياء في مخيلتي لاتبارحني منها ماحدث في منطقة الصحافة بالخرطوم.. عندما تم ايقافنا في احد الارتكازات وسمعنا احد جنود الدعم السريع يصيح لأحدهم بأن توقف “ثابت” ولكن يبدو ان الطرف الاخر لم يسمع.. سمعت رصاصتين بالقرب مني أطلقها الجندي اصابت ذلك الشخص في الحال واردته قتيلا.. علمنا انه احد المعاقين المعروفين بالصحافة ويلقب بالأطرش.. ايضا تم ضرب كفيف في قرية مجاورة لنا في الجزيرة حيث توفي بعد ذلك.
معاقون لاجئون
يقول محمد السيفي أحد المعاقين الذين لجأوا إلى مصر ان قصة وصولهم إليها مريرة لكنها كانت ضرورية رفقة الأسرة قائلا: “وصلنا إلى مصر واكتشفنا ان عدد المعاقين هنالك وصل (160) شخصا معظمهم يفتقدون المعينات البصرية بما فيها “العصايات” نتعرض لإجراءات طويلة، ايضا لا يوجد توظيف للمكفوفين والمعاقين.
واضاف لم تصلنا أي منظمات للمساعدة كما ان البنيات التحتية غير ملائمة لنا أو ربما لم نفهم طبيعة البلد ولكن رغم ذلك نقول: تعامل الشعب المصري خفف من أزمتنا النفسية.
معاقون بمعسكرات النازحين في دارفور
لا توجد إحصائيات لعدد المعاقين بمعسكرات النازحين بدارفور لكن أوضاعهم صعبة للغاية دفعت البعض لتبني فكرة مساعدتهم، من هؤلاء الناشط المجتمعي حبيب آدم جمعة محلية بليل بولاية جنوب دارفور معسكر (سنتر صفر) للنازحين.
يقول لـ(التغيير) ان الفكرة جاءت نتيجة معاناة النازحين خاصة المعاقين بمعسكر بليل الذي يضم (95) شخصا من هؤلاء قدمنا لهم مواد غذائية بجهد شعبي وتبرعات للخيرين.
لافتا إلى أن المبادرة قدمت لمعسكر كلمة 450 سلة للمعاقين بجانب دعم بعض القطاعات الأخرى. وبحسب آدم رجال الناطق الرسمي للمنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين وصل عدد الأسر النازحة من شريحة المعاقين القادمين من الفاشر إلى منطقة طويلة بشمال دارفور ( 75) أسرة أي حوالي 375 فردا يعيشون في ظروف معيشية صعبة للغاية ويحتاجون إلى ضروريات الحياة الأساسية مثل الغذاء والدواء والماء والمأوى وغيرها.
وأوضح د. راشد التيجاني سليمان وهو ناشط في خدمة المعاقين ان أبرز التحديات التي تواجه هذه الفئة في مناطق النزاعات هو الفهم الخاطئ لمليشيات الدعم السريع لحقيقة واقعهم وتصنيفهم بانهم رجال استخبارات يتبعون للجيش ويحاولون اخفاء ذلك عن طريق ادعاء المرض والاعاقة حيث قتل الكثيرون منهم بسبب هذه التهمة.
أيضا عدم الفهم لظروفهم وطبيعة حياتهم من قبل هذه القوات التي يعتقد بعض افرادها ان المعاقين يعيشون حياة بائسة لا امل منها لذلك قتلوا بعض المعاقين ذهنيا خاصة في مناطق الجزيرة وقالوا لذويهم خلصناهم من العذاب!
حدث ذلك تحديدا في منطقة الحلاوين عندما وجدوا احد المكفوفين يسير في الطريق يمينا ويسارا ولا يدري أين يذهب فقتلوه.. قالوا نريحه من هذا العذاب والمعاناة في الحياة! .
وأوضح التيجاني ان معظم المعاقين واجهوا تحدي الاجلاء من الخطر، إذ لم تتوفر لهم طرق آمنة ونقاط إخلاء سريع وسيارات اسعاف.
بعض من المعاقين حركيا زحفوا على الأرض لمسافات طويلة للوصول الى موقف سيارات الإجلاء.
كما لا توجد أماكن ملائمة في مراكز الإيواء ولا اهتمام خاص بهم .. كان هناك مركز متخصص في مدني لكنه توقف وهنالك حاليا مركز واحد متخصص في كسلا .
هنالك تحدي التعليم، إذ تم تدمير “15” مدرسة تماما وأكثر من 120 مركز تأهيل لذوي الاعاقة في الخرطوم والجزيرة في ظل غياب مؤسسات التعليم والعناية في الولايات مما افقدهم الحق في التعليم في الولايات الآمنة .
يقول راشد التيجاني: لا توجد قوانين كافية تكفل لهؤلاء حقوقهم خاصة في ظل عدم وجود رقابة، وخير مثال لذلك ما قامت به وزارة المالية مؤخرا بفرضها رسوم جمركية على معدات ومعينات الاعاقة رغم ان القانون منحهم إعفاءات.
فئات منسية
من جانبها وصفت الناشطة الحقوقية احسان فقيري المعاقين بأنهم اكثر فئة منسية خلال الحرب من قبل طرفي الصراع والمجتمع المدني .
وقالت لـ”التغيير” كثير من المعاقين تعرضوا لانتهاكات هنالك فتيات معاقات تم اغتصابهن وبعضهن انتحرن لانهن لا يستطعن التعبير بسبب الحالة النفسية ولم يخضعن لأي نوع من العلاج النفسي.
أيضا هناك معاقين لم يستطيعوا النزوح من مناطق القتال ولم تكن لهم إمكانيات الحركة ولا تتوفر لهم ممرات آمنة بعضهم توفي بالدانات، ايضا معاقي السمع لم يستطيعوا حماية أنفسهم لأنهم لم يقدروا حجم كارثة الحرب لعدم سماعهم اصوات الانفجارات .
وأضافت: المساعدات التي قدمت لهذه الفئات عند لحظات الفزع والهلع ضعيفة داعية منظمات المجتمع المدني والناشطين لمساعدة هذه الفئات بصورة تسهم في تخفيف معاناتهم.
دعم نفسي وقانوني
تشير الأستاذة والمدربة أمل سمير قباني متخصصة في المجال لأهمية الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة في الحروب والأزمات والكوارث باعتباره ضرورة إنسانية وحق أصيل لجهة ان منسوبي هذا القطاع يواجهون تحديات مضاعفة في هذه الظروف القاسية .
وأكدت في حديثها لـ”التغيير” على أهمية الدعم النفسي والاجتماعي لهم باعتباره ضرورة إنسانية ملحّة وحقًا أصيلًا تُقره الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، غياب هذا الدعم يعرضهم لمخاطر مضاعفة مثل العزلة الاجتماعية، الاكتئاب، وصعوبة الحصول على الخدمات الأساسية.
حقوق قانونية
تُؤكد الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على ضرورة ضمان حقوقهم في جميع الظروف، بما في ذلك الأزمات وفق نص المادة 11 من الاتفاقية بضرورة اتخاذ التدابير المناسبة لحمايتهم وضمان وصولهم إلى الخدمات خلال حالات الطوارئ الإنسانية وهذا يتطلب تدخلًا عاجلًا وفعّالًا من المنظمات الأممية والمجتمع المدني لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي الملائم، مع مراعاة احتياجاتهم الخاصة.
وطالبت أمل قباني ايضا بالاهتمام بالمعاقين في دول اللجوء الذين ، يواجهون تحديات إضافية مثل ضعف البنية التحتية المهيأة لاحتياجاتهم في مخيمات اللاجئين، وصعوبة الحصول على الأجهزة المساعدة كالكراسي المتحركة وأدوات السمع والبصر، هذه الظروف تعزز شعورهم بالتهميش وتضعف فرصهم في التكيف مع أوضاعهم الجديدة.
وشددت على ضرورة تعزيز التعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية لتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة إدراج احتياجاتهم ضمن خطط الطوارئ الإنسانية بشكل مستدام .
#SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لا_يحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #SudanMediaForum